رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
الخلاف والاختلاف بين الود والقضية


المشاهدات 1349
تاريخ الإضافة 2022/09/20 - 7:57 PM
آخر تحديث 2024/04/19 - 5:32 PM

مع أننا في الغالب نتجنب الخوض في قضايا وأمور في الدين هي موضع خلاف فقهي، عقائدي، مذهبي، لكننا ومن أجل تجنب ذلك نلجأ طواعية الى دفن رؤوسنا في الرمال. المصيبة إننا نعرف أن مؤخراتنا مكشوفة تماما. مع ذلك نتواطأ حتى لو اختلفنا على هذه القضية أو تلك أو حتى لو «تذابحنا» وكثيرا ما حصل ذلك في التاريخ في أن نبقي معادلة الرأس والمؤخرة هي التي تتحكم في خطابنا.. ومن أجل الاستمرار في متوالية الرأس المدفون في الرمال والمؤخرة المفتوحة لكل من يجئ «للحظ أو للعابر الجريء» مثلما يقول أدونيس هي التي جعلتنا «نجيب ونحط» أحاديث ومقولات من أجل التغطية مرة أو التمويه مرة والتدليس في كل المرات. الأدهى والأمر والأتعس إننا ننسب أحاديث الى النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) أو الصحابة لكي نبرر ما نقوم به أو ما نؤمن به أو ما نريد تبريره أمام الآخرين. كل ذلك من أجل تبرير خيباتنا وبؤسنا.. دائما نريد حين نريد أن نبرر أن «اختلاف أمتي رحمة» وننسب هذا الحديث الى النبي. هل يوجد أكثر من اختلاف المسلمين من أبسط القضايا الى أكثرها جوهرية في الدين منذ 1450 سنة؟ أين الرحمة في هذا الاختلاف المزمن؟ مع ذلك ولأننا نعرف جيدا أن كل ما نقوم به من فعل أيدينا ولا توجد نصوص قطعية الدلالة في غالبية ما نختلف عليه فإننا لا نملك سوى أن نردد في أحاديثنا وصلواتنا وأدعيتنا ربنا اكشف هذه الغمة عن هذه الأمة؟ مَن هو المتسبب في هذه الغمة سوانا نحن المسلمين من كلا المذهبين، بينما الله سبحانه وتعالى يقول في القرآن الكريم «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» «سورة الرعد آية 11».    أين الرحمة في الحروب الطائفية التي وقعت بين المسلمين على امتداد التاريخ حيث امتلأت بعض صفحاته بالسواد نتيجة التعصب المذهبي الذي يقود الى التعصب الطائفي الذي ينتج بدوره الأحقاد والبغضاء بين من يفترض بهم يؤدون الصلاة الى ذات القبلة ويحجون الى ذات البيت ويقرأون القرآن نفسه؟ وفي موازاة حديث اختلاف أمتي رحمة نحتنا قولا آخر نردده كلما اختلفنا مع بعضنا حتى بشأن أبسط القضايا في حياتنا اليومية الى أخطرها وهي مقولة «الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية».. من حيث المبدأ لا خلاف على مبدأ الخلاف في الرأي بل الأصح والأصوب أن تكون هناك خلافات في الرؤى والأفكار والمناهج لكي تتغير الحياة نحو الأفضل. كل الأيديولوجيات مختلفة عن بعضها. بل قد تتضارب مع بعضها وربما تتحارب مع بعضها بدءا من الحروب الصليبية التي هي وإن كانت حروب أديان في ظاهرها لكنها حروب أيديولوجيات في الواقع الى حروب المصالح سواء كانت من أجل التوسع أو من أجل الموارد أو سواها من المبررات.. لكن هل من مخرجات هذا الخلاف بكل أنواعه أن يبقي ودا وقضية؟  الأديان التي هي وحدها من ينبغي أن توحد الناس لأن الله سبحانه وتعالى أنزلها على البشر من أجل أن يتكاملوا لا أن يتحاربوا تحولت الى ميادين صراع وحروب مرة باسم الصليب   ومرة باسم صراع الحضارات أو الثقافات صموئيل هنتغتون صاحب كتاب «صدام الحضارات».. وحيث إن التكامل والتمام كان من نصيب الرسالة المحمدية وحدها كونها الرسالة الخاتمة فإنها ولأسباب لا علاقة لها بأصل النص الإلهي تحولت للأسف الى محور خلافات طائفية لا طائل من ورائها تمت تغذيتها عبر العصور عن طريق النفخ بنار ما نرفضه جميعا وهو الفتنة مع أن الجميع يكاد يكون ضالعا بها بشكل أو بآخر.. ولعل السؤال الذي عجز الجميع عن الإجابة عنه هو ما الذي يجب علينا فهمه مما أورده القرآن على صعيد اكتمال الدين وإتمام النعمة ..»اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعتمي ورضيت لكم الإسلام دينا» المائدة 3.. هل رضينا كمسلمين بالدين الذي اكتمل وبالنعمة التي تمت؟ بالنسبة لي على الأقل لا. ولهذا السبب راح تبقى الغمة فوق هذه الأمة ونستمر في الدعاء الذي لا يستجاب لأننا نريد من الله أن يغيرنا، بينما المطلوب أن نغير نحن أنفسنا.
 


تابعنا على
تصميم وتطوير