رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
استنطاق اللحظة الشعورية الخالقة لحقلها الدلالي والإيحائي في “رصاص القلم”


المشاهدات 1259
تاريخ الإضافة 2022/08/17 - 8:37 PM
آخر تحديث 2024/04/16 - 4:54 AM

علوان السلمان
النص السردي القصير جدا من التشكيلات الجمالية التي فيها( الشكل والمحتوى مندمجان في عملية الخلق الادبي) على حد تعبير هربرت ريد...اضافة الى تميزها بالصور المموسقة التي تستفز الذاكرة وتحرك خزينها المعرفي من اجل استنطاق ما خلف الفاظها ومشاهدها والكشف عن عناصرها (العاطفة/ الفكرة/ الخيال/ الاسلوب..)..
وباستحضار المجموعة القصصية(رصاص القلم) بنصوصها القصيرة جدا التي نسجت عوالمها انامل منتجها القاص عبدالله الميالي..واسهمت دار امل الجديدة في نشرها وانتشارها/2017.. كونها تأسيس على الاضاءة  الخالقة لفن متسع الرؤى..موجز العبارة.. متجاوز المبنى والمعنى انطلاقا من قول النفري الصوفي (كلما ضاقت العبارة اتسعت الرؤيا) للتعبير عن لحظة شعورية خالقة لحقلها الدلالي والايحائي..ابتداء من الايقونة العنوانية والعلامة السيميائية الدالة بفونيميها المشكلان لجملة اسمية مضافة حذف احد اركانها الاشارية(هذا) كما نرى..
(تعود على تمثيل دور الملك..جاءته برقية مستعجلة من بلاد العم سام بتبادل الادوار..الجندي الذي كان في الظل صرخ بوجهه:كش ملك..)..ص20
فالخطاب السردي يشكل نسقا جماليا بتوظيف لغة لا تنحصر في اللفظ بل في الفعل السردي الذي يجسد الحالة السايكولوجية في تعاطي مفردات الحياة اليومية..فضلا عن ان المنتج(السارد)  يوظف الحواس كرموز استعارية واداة بنائية مؤثرة في التشكيل النصي..ابتداء من الاستهلال التركيب الدرامي القائم على الفعل الدال على الحركة(تعود) الكاشف عن مناجاة ذاتية مكثفة الدلالة باستخدام تقنية الاستعارة للتعبير عن مضمار نفسي لذات متوترة نفسيا..
 (ذات صباح خرج وحده بمظاهرة..قطع الطريق..وقف وسط الشارع..شتم السلطة ورأس النظام..طوقته قوات مكافحة الشغب..صوب مسدسه الى راسه..سمعوا صوت اطلاقات نارية..مساء عرض التلفاز الحادثة في برنامج(الكاميرا الخفية)..ص26.
فالسارد يحاول ايقاظ الواقع باسلوب بنائي  يخاطب الوجدان ويثير الاحاسيس وينبش الذاكرة عبر صور مكثفة ورمزية لفظية مع انسياب متدفق لمشاهده الدائمة التخلق بحكم طاقتها المكتنزة بديناميتها والمتوالدة في ذاتيتها النصية المحققة للمعاني المعبرة عن مواقف انسانية..بمجمل دلالاتها الكاشفة عن الحالة الشعورية والنفسية باسلوب دينامي، وعمق دلالي، يتداخل والسياق المجتمعي بقدرة تعبيرية مختزلة لتراكيبها الجملية التي تستنطق اللحظة الشعورية الحاملة في جنباتها مضامين انسانية.. مع ادراك لكنه الالفاظ التي يوظفها المنتج(السارد) في نسيجه البنائي المتميز بالحبكةالسردية والتكثيف الجملي وصور مكتنزة بدلالاتها  الفنية والجمالية الجاذبة..مع ضربة اسلوبية ادهاشية...
(اغاظتني قطتي البيضاء بموائها المتواصل.. تتجاهلني كلما صوبت نظراتي الحادة عليها..تشيح بوجهها عني وترنو نحو الهر الاسود..ينتظران الفرصة لارواء ظمئهما..تبتسم لهما زوجتي وتجذبني الى غرفة النوم..) صء43..
فالخطاب السردي يشكل نسقا جماليا بتوظيف لغة لا تنحصر في اللفظ بل في الفعل السردي الذي يجسد الحالة السايكولوجية في تعاطي مفردات الحياة اليومية..
(طلب الانضمام الى جمعية الحب العذري..رفض الطلب بعد المداولة..شهد عليهما القمر ونجمتان..عندها قررا ان يقضيا ليلة الجمعة في قاعة مغلقة..) ص77.
فالنص بمجمل دلالاته يعكس الحالة النفسية والشعورية بعمق دلالي يتداخل والسياق الجمعي بقدرته التعبيرية المختزلة لتراكيبها الجملية المترجمة لمشاعر واحاسيس المنتج (السارد) وانفعالاته ببناء درامي وحوار منولوجي ذاتي.. اضافة الى انه ينتقي مفرداته البعيدة عن الضبابية  من الواقع الاجتماعي فيمنح متلقيه متعة السرد ولذته من جهة ومنفعته الجمالية المتسائلة والمحركة للذاكرة من جهة اخرى.. وهو يسجل لحظاته المؤنسنة للطبيعة ومكوناتها..
 وبذلك قدم اسارد  نصوصا تتنفس نبض الحياة بموجوداتها..مع مواكبة الواقع الانساني بلغة متكئة على المشاهد المشبعة بالدلالة الموحية باجوائها المحركة للحواس الشعورية.. وهي تشكل شكلا من اشكال الانزياح السردي الناجم عن موقف انفعالي  يباغت المستهلك(المتلقي) بمشاهده التي تكشف عن عمق دلالي يجعل من اللغة فكرا والمرئي تخيلا..كون السارد يشتغل في بناء نصه على السيرورة الزمنية المبنية على الفعل من اجل التسريع السردي.. مع جنوح الى التركيز والايجاز بسياق مقترن بحركة الحياة..لخلق نص يمتلك قدرة الحضور بامكاناته التعبيرية والجمالية باعتماد خطاب حداثوي منسجم والعصر(عصر السرعة) على المستوى الشكلي البنيوي والموضوعي.


تابعنا على
تصميم وتطوير