رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
تضارب واضح في إدارة المشهد الإعلامي ....وزارة الإعلام المصرية سقطت سهوا أم عمدا من التغيير الوزاري ؟


المشاهدات 1257
تاريخ الإضافة 2022/08/15 - 8:14 PM
آخر تحديث 2024/04/16 - 9:13 AM

 
القاهرة/متابعة الزوراء:
لم يأت التغيير الوزاري في مصر على ذكر وزارة الدولة للإعلام وتم تجاهلها تماما، على الرغم من استقالة وزيرها منذ أكثر من عام. وهو ما يعني عدم الحاجة إليها عمليا وأن الحكومة مرتاحة للصيغة التي يدار بها الإعلام حاليا.
وتجاهل التغيير الوزاري الذي شمل 13 وزيرا في الحكومة المصرية السبت وزارة الدولة للإعلام، فمنذ استقالة وزيرها أسامة هيكل في أبريل من العام الماضي لم يتم تعيين خلف له وبقيت بلا وزير يشغلها، ما جعل الكثير من المتابعين للمشهد العام يتساءلون هل هذا المنصب سقط سهوا أم عمدا في التغيير الأخير؟
لم يكن منصب وزير الدولة للإعلام موجودا في أول حكومة جرى تشكيلها في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ ثمانية أعوام، وتمت الاستعاضة عنها بثلاث هيئات تدير الإعلام المصري، هي: المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام، وحدثت فيها تغييرات عدة وحافظت على رمزيتها.
أمضى أسامة هيكل نحو عام في منصبه كان في بدايته طموحا لإحداث نقلة نوعية في مسيرة الإعلام المصري، خاصة وأنه عمل فترة طويلة صحفيا وتقلد هذه الحقيبة من قبل عقب ثورة يناير 2011، وبعد بضعة شهور من تعيينه في المرة الثانية ذهبت طموحاته أدراج الرياح بسبب ما طفا على السطح من تعارض واضح في المسؤوليات بينه وبين القائمين على الهيئات الثلاث.
بدت الهيئات كأنها في صراع صلاحيات مع الوزير إلى درجة لم تعد له سلطة على كل وسائل الإعلام العامة والخاصة، والتي من المفترض أن يسهم هو في رسم سياساتها أو الاطلاع على خطوطها العامة والمشاركة في الإشراف على تنفيذها.
على العكس، تطاول البعض من الصحفيين على وزير الدولة للإعلام في سابقة نادرة في عهد الرئيس السيسي وظهر الرجل منزوع الأجنحة، وتلقى لكمات وطعنات واتهامات من دون امتلاك قدرة جيدة على الرد إلا عبر صفحته الخاصة على فيسبوك.
وتحول إلى وزير معزول إعلاميا وسياسيا أو شبه معزول، ما اضطره إلى تقديم استقالته في النهاية بعد فترة من المراوحة أكدت عجزه وانتصار التيار المناهض له من خلال الأدوات التي امتلكها أصحابه المنتشرون في جميع وسائل الإعلام.
انتهت فترة هيكل بمرها وشرها ولم تستمر طويلا، على الرغم مما صاحب تعيينه من تفاؤل بضبط المشهد الإعلامي ومنع ما يحدث من ازدواجية بين الهيئات الثلاث.
خلت الحقيبة ولا تزال شاغرة حتى الآن بلا تفسيرات أو مبررات، وكان من المتوقع أن يتم تعيين وزير لها في التغيير الأخير أسوة بحقيبة الصحة التي ظلت شاغرة نحو عام منذ اعتكاف وزيرتها هالة زايد، وجرى تعيين وزير لها لسد الفراغ.
قالت مصادر مطلعة إن “سقوط وزارة الإعلام من التغيير جاء عمدا لأن النتيجة التي خلفتها تجربة أسامة هيكل لم تكن إيجابية بالمرة، وكشفت عن مجموعة من الأمراض، من بينها التضارب في إدارة المشهد بين الوزير والهيئات الثلاث التي جرى تشكيلها بموجب الدستور، بينما وزارة الدولة للإعلام هي حقيبة اختيارية، يمكن الاستغناء عنها في أي وقت واستدعاؤها في أي وقت”.
تكمن أزمة حقيبة الإعلام في تجاهل الحديث عنها في حالتي الظهور والاختفاء، وهي دلالة على نظرة الحكومة إلى هذا المجال الحيوي وما يعتمل فيه، فمع ما ينطوي عليه من أهمية فائقة، إلا أن التعامل معه بجدية يتصاعد عندما تكون هناك ضرورة، وطالما أن الأمور تسير بهدوء وبلا مشاكل حقيقية لا يتم الاقتراب منه سلبا أو إيجابا، وهو علامة أخرى على الارتياح أو عدم الانزعاج كثيرا.
وأضافت المصادر ذاتها أن أحد أسباب فشل هيكل يرجع إلى اعتقاده في لحظة ما أنه مدعوم من مؤسسة الرئاسة وأقوى من خصومه، ما أشعره بالثقة والتحدي والرغبة في المناورة لتنفيذ أهدافه في إحداث تغيير في الإعلام، حتى تجاوز بعض الخطوط الحمراء التي وضعها تيار تزايد دوره وأصبح نافذا ومتحكما في مفاتيح وسائل الإعلام والهيئات المسؤولة عن إدارته ولا يريد التخلي عن المهام التي يقوم بها منذ سنوات.
كان الحل الأمثل من وجهة نظر الحكومة يتمثل في إلغاء منصب وزير الإعلام تجنبا لأي صداع سياسي، وفي ظل النتائج القاتمة التي كشفتها تجربة أسامة هيكل وما أدت إليه من زيادة في الارتباك وما جلبته من تناقضات لم تستطع الحكومة فك شفراتها خوفا من الصدام مع مراكز قوى إعلامية نمت وتعمل تحت غطاء بعض الأجهزة السيادية تدير دفة الإعلام بالطريقة التي تراها تتوافق مع سياسات الدولة.
سواء أكان هناك وزير دولة للإعلام أم لا، توجد تحولات ملموسة في الأداء العام، باستثناء بعض الأخبار التي تتناثر من حين إلى آخر بشأن الإعداد لإطلاق قنوات جديدة تتولى تقديم رؤية الدولة بما ينسجم مع أهدافها الحيوية، فهذا مجال يتحرك وفقا لآلية وضعت قواعدها منذ سنوات بصورة لا تمنح أي مسؤول عن الإعلام مساحة للحركة أو الاجتهاد منفردا، فالتغريد خارج السرب يتطلب الحصول على ضوء أخضر.
نجحت هذه السياسة من وجهة نظر أصحابها في تدجين وسائل الإعلام وضبط مفاصله على موجة واحدة، لكن الحصيلة التي كشفتها هذه التجربة لم تمكن الإعلام المصري من استعادة ثقة الجمهور فيه ونجاحه في أن يعكس السياسات التي تتبناها الدولة وما صاحبها من نجاحات كبيرة في مسيرة المشروعات التنموية، ولم تحسن غالبية وسائل الإعلام التعامل مع التحديات الخارجية، ما أدى إلى اللجوء إلى وسائل إعلام أجنبية.
يشير خلو التغيير الوزاري من حقيبة الإعلام إلى هامشيتها أيضا في نظر الحكومة، فمهما كانت الخلافات فدور الوزير تنفيذي وأن يقوم بضبط الإيقاع ولا يصبح طرفا في النشاز الذي يكتنف بعض وسائل الإعلام، الأمر الذي جعل الرئيس عبدالفتاح السيسي يبدي امتعاضه أكثر من مرة من الطريقة التي يعمل بها الإعلام، حيث يعول عليه في تنوير الرأي العام والوقوف في الصفوف الأمامية للدفاع عن الدولة.
لا يعني سقوط حقيبة الإعلام من التغيير أن الهيئات الثلاث تقوم بمهمتها على أكمل وجه من الناحية المهنية، بل بقاء الأوضاع على ما هي عليه دون حدوث تغيير حقيقي في الفترة المقبلة، فالآلية التي يتم العمل بها لا تنتج إعلاما قويا، كما يتمنى الرئيس السيسي، ولذلك يحتاج هذا القطاع إلى ضخ دماء تستطيع التعاطي مع التطورات المتسارعة، والتي تتطلب قاموسا جديدا.
 


تابعنا على
تصميم وتطوير