رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
عاشوراء العاطفة والعقل


المشاهدات 1288
تاريخ الإضافة 2022/08/14 - 10:23 PM
آخر تحديث 2024/04/25 - 5:36 AM

تصنف المرتبة الإيمانية لدى البشر وفق الطقوس والعبادات التي يمكن اختزالها بالمعتقدات والعقائد الدينية، إذ تشير هذه الطقوس الى نسبة الايمان بهذا المعتقد او ذاك، وبالتالي نرى البشر يتهيؤون عند كل مناسبة دينية لإحياء طقوسهم وعاداتهم، بحيث تزدهر المواسم الطقوسية التي تعتبر الاقدر على حشد الناس فيما بينهم وتقربهم في هذه المناسبات وتمتن علاقتهم بديانتهم وعقائدهم، ولكن تبقى ذكرى عاشوراء تلك الملحمة الثورية التي حصلت في العام 61 للهجرة النموذج الاستثنائي الذي يعبر عن ثوران على الظلم والعدوان عند كل فرد يحيي هذه الذكرى، إذ تثير فاعليات هذه الذكرى في كل البلدان التي تحيي ذكرى عاشوراء النفس البشرية عما حصل في ذلك اليوم وتجعله يبحث عن المضامين الكامنة لعاشوراء. 
مع الايام، لا يتغير المعنى لعاشوراء ولكن تغيرت الاشكال والطرق فما كان يحصل منذ ألف عام في احياء الايام العاشورائية دخلتها مجموعة من الطرائق المبتكرة في احياء الذكرى، فألف عام ليس بقليل وقادر على ان يغير عادات بأكملها، وكل هذه التغيرات التي حصلت حدثت من دون ان توضع ضوابط حقيقية وفعلية لحصرها في ميدان الاتزان والفائدة الفردية والمجتمعية والدينية، بل ان كثيرا من الامور الفوضوية عند تكرارها في مناسبات عظيمة مثل عاشوراء سيكون لها بعد فترة من الزمن صفة القداسة بحيث تصبح من ضرورات إحياء الذكرى. 
الأمر الفعلي الذي يحصل أيضا ان هذه الطقوس التي دخلت شيئا فشيئا تصبح من المحرمات الذي يحظر مناقشتها حتى لو كان المناقش صاحب عقل وعلم ودين، وتترجم هذه الانتقادات على انها تسيء الى الطائفة والى عاشوراء والى المذهب والى اهداف الثورة الحسينية، والأدهى ان بعض الممارسات تصبح مع الوقت مسلمات بديهية يسعى اهل العقيدة لتطبيقها والحفاظ عليها.
ولا شك ان للطقوس الدينية اهمية عظيمة في نفوس الاديان والمذاهب وهي تشحذ الهمم الدينية وتجعلهم كمَن يدخل الحج بمئات الذنوب ليخرج منه نظيف الكف من ذنوبه متقربا الى الله تعالى بدون ذنوب كمَن ولدته أمه.. من هنا تشكل هذه الطقوس مساحة للاستغفار وتعويضا عن الاهمال في ممارسة الواجبات الدينية. 
ولا شك اننا من اصحاب الحفاظ على الطقوس العاشورائية، إذ نعتبر ان هذا اليوم هو يوم المسلمين ويجب ان تنكس فيه الاعلام في جميع الدول الاسلامية لقساوة ما حصل في هذا اليوم، وان كانت عاطفتنا تقودنا في ممارسة شعائرنا فلا بأس ان يرافقها عقلنا، لأن أهل البيت (عليهم السلام) هم العقل وهم العقيدة، والعقيدة لا تستوي بدون عقل ناضج وواعٍ. 
لقد نجحت بعض الدول في احياء ذكرى عاشوراء بطريقة رائعة، فكثير من الشيعة في بلاد الغرب حملوا ورودا حمراء مرفقة بملصق مكتوب عليه سيرة الامام الحسين واهداف ثورته وماهية كربلاء واهل البيت، وهم يوزعونها بين المارة بطريقة حضارية وكان لها كبير الاثر في نفوس الغربيين، وشاهدنا في لبنان على سبيل المثال مراكز متنقلة للتبرع بالدم مجانا على محبة اهل البيت والامام الحسين (عليهم السلام)، بالإضافة الى المسرح العاشورائي الذي يعتبر بمثابة الثورة الإعلامية والتسويق الذكي للتعريف بالثورة الحسينية. 
إذاً، لا تنقصنا الافكار الايجابية التي تعبر عن الحضارة الحسينية وعلى محبتنا الفعلية لأهل البيت وإيماننا بهذه الثورة التي هي رسالة للإنسانية جمعاء، ولكن للأسف هناك انتقاص فعلي من اهمية هذه الامور التي تعطي صورة ايجابية بدلا من أن تستثير نفوس المغرضين وتجعل ألسنة الكارهين لأهل البيت كثيرة ومسيئة. 
الحسين (عليه السلام) عقل ورسالة وحياة، لذلك هي دعوة لأصحاب السلطة في هذه الامور بأن يكون لنا في الذكرى العاشورائية المقبلة ما يليق بفكرنا وعقيدتنا وأهل بيتنا الكرام عليهم منا أعظم السلام. 
 


تابعنا على
تصميم وتطوير