رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
«صورة تذكارية في الجنة» .. والجملة القصيرة الموسومة بالحركة


المشاهدات 1185
تاريخ الإضافة 2022/06/26 - 8:22 PM
آخر تحديث 2024/03/20 - 2:35 AM

علوان السلمان
 (ان وظيفة النص الشعري الكبرى هي ان يجعلنا نستعيد مواقف احلامنا)على حد تعبير غاستون باشلار...بصفته مغامرة تكشف عن رؤى المنتج(الشاعر) التي تتضافر في نسجها عوامل(سايكولوجية ونفسية وانسانية وروحية..)باقتناص اللحظة الشعورية الخالقة لحقلها الدلالي والمستفزة للذاكرة بما تحمله من معنى ..
 و(صورة تذكارية في الجنة) المجموعة الشعرية بكل تشكلاتها النصية التي نسجت عوالمها انامل المنتج (الشاعر)ايهم محمود العباد..واسهمت دار شهريار في نشره وانتشاره/2021..كونها تتسم بوحدة موضوعية تؤطر تلافيف  صورها المؤسسة لبنيتها والمحركة لايقاعها النفسي والدلالي.. فضلا عن انها تعبر عن الوجدان الذاتي والذاتي الجمعي قيميا وفكريا بتوظيف لغة موحية قائمة على الاستعارة والمجاز ضمن بلاغة الانزياح والخرق الجمالي المستجيب لافق التجربة والمعبر عن جوهر الفكرة.. باعتماد البناء المشهدي المتكىء على الجمل القصيرة الموسومة بالتكثيف والايجاز والاختزال مع اقتصاد لغوي ..ابتداء من العنوان النص الموازيparatexte  والمفتاح الاجرائي في التعامل مع عوالم النص ببعديه الدلالي والرمزي.. والذي فرش روحه متوسطا اسم المنتج وجنسه ولوحة تجريدية (تستخلص الجوهر من الشكل الحقيقي) على حد تعبير عفيف بهنسي.. اعتمدت الاشكال والالوان والايماءات الدالة على تشكيل الواقع باساليب هندسية تكشف عن الحالة النفسية من خلال المساحات والاشكال..
..........................
ساحمل خشبتي وامشي مثل المسيح
وارسم بشهادتي
بشارة عودتك
يا عشائي الاخير     /ص24
   فالنص يقوم على الانزياح والدلالة..المرتكزان على رؤية شعرية واعية لنسجها البنائي المحتضن لمضمونه الانساني.. يصاحبها ايقاع مضاف منبثق من بين ثنايا النص المنفتحة على السردية الشعرية التي تصور الصراع النفسي الحاد الذي يتولد في الذات الانسانية مما يبلور الوعي الشعري ويكشف عن الحالة الشعورية القادرة على تكثيف عناصرها وتشكلها تشكلا فنيا مؤثرا..فضلا عن اعتمادالمنتج(الشاعر) تقنيات فنية واسلوبية كالتنقيط دلالة الحذف الكاشف عن الاحساس بكثافة الصمت واتساع مدياته التي تشي بحالة الامتلاء الشعري الذي يجرنا لقول النفري الصوفي(كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة)..اضافة الى انه يلعب دوره فاعلا ومتفاعلا في انزياح المعنى لاعادة انتاجه واستحضاره من قبل المستهلك(المتلقي).. اضافة الى تجلي تقنية التناص(ساحمل خشبتي وامشي مثل المسيح) و(العشاء الاخير)..كون النص القرآني من النماذج الثرية المختزنة في الوعي الجمعي..
نحن العراقيين لا شأن لنا غير الرثاء
لاقدر لدينا الا الدموع
واجمل حسناتنا
اننا ننتج خبزا مالحا..وانبياء لم يرسلهم الله قط
ولان الفرح لا يزورنا الا في احلام اليقظة
قررنا ان نلتقط معه صورة تذكارية
نؤطرها بشريط اسود قاتم
ثم نحملها معنا الى الجنة   /ص97
 فالنص يعبر عن وهج اللحظة بسردية شعرية مكثفة العبارة تحمل قدرا من الرؤية السابحة بين عالمين:اولهما العالم الوجداني(الذاتي) وثانيهما العالم الحسي(الموضوعي).. من اجل تفعيل الصورة الشعرية بصفتها تركيب جمالي ونفسي تتشكل من التقاطات  المنتج(الشاعر) للمدركات الحسيةالتي تشكلها مجموعة من التداعيات التي تتوظف بقصدية لتحقيق مقولة تشيخوف (ان تجيد الكتابة..ان تجيد الاختصار).. فيعطي المنتج(الشاعر) بعض التفسيرات المتسلطة على ذهنه... كي لا يستغرق الحلم ولا تنعزل ذاته عن العالم الخارجي..مع تركيز على الانزياح اللغوي الكاشف عن عمق التجربة وبراعة التصوير وسعة الخيال..بتوظيف تقنية التكثيف والايجاز والاختزال الجملي مع قيامه على ما يسمى بـ (بناء المفارقة)ليحقق الدهشة الشعرية...      
(نثور مثل الارض لكننا لا ننتج براكين قاتلة/ نختصم مثل المؤرخين لكننا لا نسقط في وهم الحقيقة/ نصمت مثل تمثالين لكننا لا نجرح طينا خلقنا منه/ينام الجمهور ونحن على المسرح في حالة استعداد وفي عيوننا الف كلمة لا تقال) /ص85..
  فالبناء الشعري يتأسس على مثيرات التنسيق الفني الذي ينطلق من الفكرة بتوليف يقوم على النسج الجمالي لعوالم النص برؤية تحقق الاثارة واستفزاز ذاكرة المستهلك ونبشها من اجل استنطاق عوالمه والكشف عن اسراره وما خلف صوره  وتشكيلاته ورموزه..باعتماد رؤية تزاوج بين الاجناس الادبية وما هو ذاتي وما هو موضوعي لخلق نص مفتوح باعتماد الحوار الدرامي وتصوير الذات في صراعاتها مع كينونتها..بتطويع اللغة في انزياحاتها عن مساراتها المألوفة  كي يمنح النص جمالية وعمقا مضمونيا يستفز الذاكرة المستهلكة(المتلقية)... مع انسنة الجمادات التي تستجيب لافق التجربة وتعبر عن جوهر الفكرة..
وبذلك قدم الشاعر نصوصا جمالية جاذبة لاكتنازها بالوعي الذي هو وليد الرؤية الموضوعية إزاء الحركة الكونية..عبر صور شعرية مؤسسة للبنية النصية والمحركة لايقاعها النفسي والدلالي..

 


تابعنا على
تصميم وتطوير