جريدة الزوراء العراقية

صناعة الإعلام


يلعب الإعلام في عصرنا الراهن دورا كبيرا وبالغ الخطورة في مجمل فعاليات الدول والشعوب على صعيد صياغة الدعاية وتأسيس الثقافة وصناعة الرأي العام وبناء الحرب النفسية .
فالإعلام في نظر المختصين وغير المختصين أصبح حقيقة ثابتة يدركها الجميع في كونه سلاحا اجتماعيا وفكريا وثقافيا على حد سواء، وله وظيفة مكملة للسياسة وانعكاس لها بأسلوب معلن، فضلا عن كونه (أي الإعلام) من اخطر الأسلحة في مجال الحرب والسلم معا، حتى وصفه فقهاء الفكر الاتصالي بـ(خط الهجوم الاول وخط الدفاع الاخير)، بمعنى هو اول كتيبة قتال، وآخر فصيل ينسحب عن المعركة، حتى في استهداف المجتمعات البشرية وتغيير المفاهيم والمواقف .
وقد أدركت كبريات الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، أهمية قطاع الإعلام والاتصال بهدف السيطرة على ما يطلق عليه (مجتمع الاعلام)، واتضح ذلك بُعيد الحرب العالمية الثانية باعتباره مجالا استراتيجيا لمد نفوذها في العالم وضمان السيطرة عليه.. ومن هنا عمدت الى وضع خطط استراتيجية وهيأت جيشا من الخبراء والمختصين في هذا المجال ووفرت أموالا طائلة بل خصصت ميزانيات ضخمة لهذا الغرض لتوظيف كل ذلك في (صناعة الإعلام)، وتوجيه ماكنة الدعاية الإعلامية في هذا البلد او ذاك لتسير جنبا الى جنب مع بقية خططها سواء العسكرية او الاقتصادية او الثقافية من اجل السيطرة على ادارة الدولة ومد ّالسيطرة على مقدرات الدول والشعوب .
وبدأت بالفعل ماكنة الدعاية الإعلامية الغربية بالعمل وفق تقنيات حديثة لغزو العالم اتصالياً من خلال البث الفضائي واختراق العقول وترسيب المفاهيم المراد ترسيها في مدركات الافراد، وبما يتلاءم مع سياساتها وتوجهاتها .
وركز السياسيون الكبار على اهمية توظيف الإعلام في الحروب والصراعات التي حدثت وتحدث هنا وهناك باعتماد (الدعاية) التي تستهدف الترويج والترغيب القصدي كي تستطيع ان تحشد الرأي العام لتبني حول قضية ما، من خلال المبالغة والتضليل اثناء التعاطي مع التناول الإعلامي في أسلوب عرضها الشيق لكسب الدعم والتأييد لصالح أهدافها وغاياتها .
ولكون عالمنا اليوم بما فيه منطقتنا العربية تشهد العديد من الصراعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بل حتى الثقافية فضلا عن الاقتتال العسكري، فقد اولى الإعلام العالمي اهتماما بالغا في المنطقة العربية كونها تمثل ساحة صراع مهمة بالنسبة للعالم، وتحتل مكانة فاعلة ومؤثرة في الصراعات الدولية الدائرة الآن، حيث تلعب اقتصاديات الدول العربية دورا فاعلا متميزا في السياسة الاقتصادية العالمية، 
وقد عمدت وسائل الإعلام الغربية الى إتباع أساليب مختلفة في عملها بهدف تغيير المفاهيم والمواقف وبث الخوف والرعب داخل المجتمعات العربية وخلق حالة من الشعور بالهزيمة وممارسة عمليات القتل والإرهاب من خلال برامج الحرب النفسية الموجهة، وهي بتلك الأساليب تكون قد هيأت الأجواء والسبل للعناصر الارهابية للإمعان في سياستها العدوانية تجاه الشعوب العربية تساعدها على ذلك جهات ومؤسسات داخل الدول العربية لا تمت لبلدانها بصلة سوى الإمعان في اضطهاد شعوبها وتمزيق مجتمعاتها امتثالا للسياسة الاستعمارية البغيضة او تخادم معها .
ونتيجة لتلك التوجهات التي تستهدف دولنا ومجتمعاتنا فقد نجحت الماكنة الإعلامية الغربية في مرافقة ومساعدة القوات القتالية المتواجدة على الأرض في بسط نفوذها وسيطرتها في مدن نستطيع ان نسميها رخوة أو هشة في عدد من الدول العربية، ومن بينها العراق وسوريا واليمن، والتي ادت بالتالي الى خلق وضع مخلخل، ومناطق رخوة داخل تلك الدول، تمهيداً لتمزيق مجتمعاتها واحتلال أجزاء حيوية مهمة من مدنها وتشريد شعبها وتعريضهم الى خطر الجوع والموت .
إزاء ذلك ما الذي يجب ان نفعله لمواجهة الحرب الإعلامية الموجهة ضدنا ؟ وهل ترتقي مؤسساتنا الإعلامية الوطنية والعربية الى المستوى الذي تعمل فيه المؤسسات الإعلامية الغربية؟ وهل نستطيع ان نضع خططا وبرامج لتصنيع إعلام ولو بقدر لمواجهة ماكنة الدعاية الاعلامية الغربية لما من شأنه ان يحفظ دولنا ومجتمعاتنا من التمزق والتفرقة والشعور بالهزيمة وحالة اليأس التي تنتاب الإنسان العربي ونحفظ بذلك كرامتنا ومستقبلنا؟ أم إننا نبقى على وضعنا الحالي ونتلقى الضربات الموجعة، وبالتالي نكون قد خسرنا كل شيء؟!
 


المشاهدات 1340
تاريخ الإضافة 2022/05/14 - 8:18 PM
آخر تحديث 2024/04/21 - 2:55 PM

طباعة
www.AlzawraaPaper.com