جريدة الزوراء العراقية

للهِِ درك يا عراق


تدل الدراسات على ان الوضع المائي سيزداد سوءا خلال السنوات القادمة ليس في العراق فحسب بل في اغلب البلاد العربية حتى يقال ان الحروب القادمة ستكون حروب مياه.. وأيا كانت هذه الحروب فعلى الدول الخاضعة لهذا الخطر ان تكون اكثر استعدادا ليس لشن الحروب بل لإيجاد منافذ اخرى لمعالجة هذه الحالة المهلكة حيث ستعاني المنطقة في المستقبل من نقص اكبر في الموارد المائية السطحية والجوفية، وقد دفع هذا الوضع المأساوي الى تأكيد الامين العام الاسبق للامم المتحدة بطرس غالي الى القول « إنَّ الحرب العالمية الثالثة ستكون بسبب شح المياه في الشرق الاوسط«، ولوجود نهري دجلة والفرات في العراق، فإن هذا البلد كان من الدول الغنية في موارده المائية حتى فترة السبعينيات من القرن الماضي، ففي تلك الفترة بدأت سوريا وتركيا بناء سدود على نهري دجلة والفرات مما تسبب في حدوث نقص كبير في تصاريف المياه، كذلك بدأت نوعية المياه بالتردي مما اوقع البلاد في وضع امني خطير بعد ان اصبحت الاراضي الزراعية اراضي بور لا تصلح للزراعة مما جعل اغلب السكان من الفلاحين البسطاء يهجرون اراضيهم بحثا عن مأوى يستر حاجتهم  للعيش الكريم، اضافة الى حدوث احتباس حراري نتيجة خلو الاراضي من الحزام الاخضر الذي يسهم في ايقاف العواصف الترابية، وازداد الطين بله بعد ان انضمت ايران الى الدول المجاورة للعراق في تنفيذ سياسة مائية ألحقت بالعراق أضرارا كبيرة.. وتذكر التقارير الدولية ان اقليم الشرق الاوسط وشمال افريقيا سيكون من المناطق الاكثر شحاً بالمياه في العالم مما سيعرض المنطقة الى جفاف وتصحر يؤثر تأثيرا كبيرا على البيئة. وتقول ممثلة اليونيسيف في العراق «ان مستوى شح المياه في العراق ينبئ بالخطر«. واضافت « آن الاوان للقيام ببعض الاعمال بشأن التغيير المناخي وضمان الوصول الآمن للمياه لكل طفل«. وحددت الممثلة الاممية ذلك، وقالت «ان الطلب المتزايد على الغذاء والنمو الحضري والادارة السيئة للمياه، فضلا عن التغير المناخي تظافرت جميعها لتهدد الاطفال والفقراء والمهمشين».. ونقول  للهِِ درك  يا عراق  على مدى عقود من الزمن لم يشهد هذا البلد راحة،  ووسط هذا التداعي في حجم المياه بالعراق عادت بي الذاكرة يوم بدأنا نطير الافيال وصنعنا صواريخ تصل مدياتها مئات الاميال ولم نرَ  إلا أفيالا وأفيالا.. ووقعنا في دائرة الحرب مكرهين، ومن منا لا يتذكر يوم دقت حكومتنا الجديدة التي جاءت خلفا للنظام السابق يوم دقت ناقوس الخطر ودعت الشعب المسكين للتهيؤ من احتمال انهيار سد الموصل ووضعتنا حكومتنا الرشيدة مجبرين في دائرة الخطر والخوف من وصول المياه الى بغداد حتى قيل في وقتها انها ستصل حتى  ارتفاع اربعة  امتار ووصل بنا الحال من شدة الخوف، وفي محاولة احترازية من هذا الخطر القادم بدأنا الاستعدادات لرزم الوثائق المهمة في الدوائر الحكومية خوفا عليها من التلف وبدأنا في البيوت شراء وسائط النجاة لمواجهة الفيضان المرتقب، حتى ان البعض بدأ ببناء سفينة كسفينة النبي نوح تحسبا واحترازا من هذا الفيضان الكاذب، وتبين ان الفيضان كان كذبة اشبه بكذبة نيسان التي اشتهرنا بها وقدسناها حتى يومنا الحاضر.. ونعود الى اساطير الكذب على ذقون العباد ونحن ننظر اليوم الى دجلة الخير بتعجب وخوف حيث تتساقط دموعنا بعد ان جفت منابعه واصبح اشبه بترعة كئيبة لا يقوى على سد جزء بسيط من حاجة الفلاح العراقي لإرواء ضمأ ارضه التي تصحرت وباتت جرداء، والسؤال المحير هو: اين ذهبت مياه دجلة الخير الذي طالما كان منهلا للشعراء يتغنون به؟ وحدث ما حدث من جفاف واختفت الاراضي الزراعية وباتت ارض السواد جرداء ونتيجة هذه المأساة الانسانية دخل العراق في قائمة الدول المتأثرة بالاحتباس الحراري والدول المتأثرة بهبوب العواصف الترابية المتلازمة مع اندثار الزراعة، حيث اختفت اغلب مناطق التشجير التي هي مصدات طبيعية للعواصف الترابية، هذا الحال اقلق نقابتنا وجعلها تعيش المأساة بكل ابعادها المستقبلية، فبدأت تحث الخطى لدراسة تنفيذ خطة تشارك فيها كل فروع النقابة في المحافظات لزراعة كل فرد ينتمي للنقابة مع افراد عائلته شتلات زراعية مقاومة للظروف المناخية لتوسيع الرقعة الخضراء وبناء حزام اخضر حول المدن، والتحرك للضغط على الحكومات المتشاطئة مع العراق لوضع التدابير الاحترازية لتزويد العراق بالمياه انطلاقا من شرف المسؤولية الانسانية، وهي حتما ستكون مبادرة يعتز بها أي مواطن عراقي يسعى لان تكون بلاده من الدول التي تتمتع بأجواء خلابة خالية من كل المنغصات التي تؤثر على البيئة.. ونقول بملء الفم: للهِ درك يا عراق.


المشاهدات 1339
تاريخ الإضافة 2022/05/14 - 7:59 PM
آخر تحديث 2024/04/08 - 11:03 AM

طباعة
www.AlzawraaPaper.com