رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
تركيا تستعد لإطلاق منصة بديلة لها “نتفليكس” لا تريد الخضوع للرقابة الحكومية


المشاهدات 1245
تاريخ الإضافة 2022/05/11 - 7:46 PM
آخر تحديث 2024/04/25 - 10:33 AM

أنقرة/متابعة الزوراء:
تتجه حكومة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لتأسيس منصة دولية رقمية بديلة عن نتفليكس التي لم تخضع كما يجب للرقابة التركية وبدا أنها تمثل صوتا يغرد خارج سرب القوة الناعمة التي تنتهجها تركيا.
وأعلن المدير العام للتلفزيون التركي “تي.أر.تي” محمد زاهد صوباجي أن تركيا تستعد لإطلاق منصة رقمية دولية بديلة لنتفليكس في عام 2023.
وقال صوباجي “في وقت يمر فيه النظام العالمي بأزمة، علينا، كدولة، أن نشرح موقفنا بشكل أفضل على المستويين الوطني والدولي. نحن بحاجة إلى إزالة آثار الأزمة على بلدنا”.
وتحدث صوباجي في كلمة حول “البث العام في عصر التضليل” في المنتدى الدولي للشباب المتصلين (شباب ستراتكوم)، الذي نظمته رئاسة الاتصالات ووزارة الشباب والرياضة في أنطاليا، أن “تي.آر.تي” ستبني منصة رقمية دولية بديلة لنتفليكس في عام 2023، وستنشئ منصة للشباب وستواصل الاستثمار في الأفلام والألعاب.
وقال صوباجي “إننا نعيش حاليا في فترة يتم فيها كسر حدود الحقيقة والكذب، وأن الأفكار والمعلومات السامة أصبحت شائعة، ولا يمكن حتى معرفة التأثير الذي يتعرض له الأشخاص بسببها”. وأضاف “الأخبار المنشورة خلال النهار لا يمكن إحصاؤها، والناس ينتقلون من حدث إلى آخر دون معرفة دقة الأخبار، حتى أصبحنا في وقت تتلاشى فيه الحدود بين الحقيقة والأكاذيب”.
وأكد المدير العام للتلفزيون التركي أن المعلومات المضللة ليست فقط في الأخبار، ولكن أيضا في الأفلام والمسلسلات والأفلام الوثائقية والرسوم المتحركة وتطبيقات الهاتف المحمول المنتجة على المستوى المؤسسي والفردي، فهي أيضا يمكن أن تكون عنصرا من عناصر التضليل. وذكر صوباجي أن الأخبار الكاذبة تنتشر بسرعة من خلال وسائل الإعلام الاجتماعية، وأن الناس قد تم توجيههم إلى طريقة تفكير مصممة مسبقا بطريقة من شأنها زيادة الوعي.
وتعمل تركيا على حصار منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام والترفيه، وتصدر الحكومة بين الحين والآخر قرارات وقوانين لتنظيم عمل المنصات الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي بما يخضعها لوصايتها.
وأصبحت المسلسلات التلفزيونية واحدة من أكثر الصادرات التركية ربحية في العقد الماضي. وتحظى صناعة الدراما التركية بمتابعة شخصية من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يحرص أن تكون سلاحه الناعم لغزو البلدان وتغييب عقول مواطنيه. وقال أردوغان “علينا أن نكتب حكايتنا نحن أولا”. ولم يكن نجاح الدراما التركية صدفة لقد كان مخططا له بعناية.
وأكد كتاب أصدرته مديربة الاتصالات الرئاسية مؤخرا أن “تركيا تصنع الدبلوماسية الثقافية من خلال مسلسلات تلفزيونية”. وقالت إن المسلسلات التلفزيونية التركية أصبحت أدوات للدبلوماسية الثقافية، مما زاد من قوة السياسة التركية الخارجية. وقالت المديرية في كتاب “الدبلوماسية الثقافية والاتصالات” إن “الأعمال التي تم إنجازها لمعرفة تأثير المسلسلات التلفزيونية التركية على مختلف البلدان والجغرافيا أظهرت أن لها تأثيرات مزدهرة على تعزيز مكانة تركيا دوليا”.
وألمح الكتاب إلى أن التعاطف بين تركيا و”الدول ذات التاريخ المشترك قد ازداد بسبب المسلسلات على الساحة الدولية”، مشيرا إلى أن قطاع المسلسلات التركية أصبح أداة رئيسية لتوطيد الروابط بين الثقافات، حيث سرد تأثيرات المسلسلات على بعض الدول. ويذكر أن النجاح العالمي للمسلسلات التلفزيونية التركية، الذي يكون غالبا بروايات ترضي الحكومة، جعل البلاد قوة عظمى .
وأصبحت الدراما التركية التي يطلق عليها اسم “ديزي” الآن ثاني أكبر نوعية من المسلسلات التي تلقى إقبالا بعد مثيلتها الأميركية في الخارج، غير أن هذا النجاح يقابله نفور من الشباب التركي في الداخل.
ويتهم منتقدو حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم باستخدام تي.آر.تي لنشر دعايتها والتدخل في صناعة الترفيه. وتبث تي.آر.تي عدة مسلسلات تروج لسياسات الحكومة. ورغم ذلك، كثيرا ما يهاجم أردوغان ومسؤولوه الحكوميون وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات البث مثل نتفليكس، بدعوى أنها تنشر أخبارا كاذبة وفجورا. وكشفت نتفليكس في عام 2021 أنها أزالت عناوين مختارة من كتالوجاتها في سنغافورة وتركيا في عام 2020 بناء على طلبات الحكومات المعنية.
ويتجه الممثلون المعارضون لطريقة توظيف أردوغان للدراما إلى التعاقد مع نتفليكس لتقديم أعمالهم بعيدا عن الرقابة الحكومية. وقد بيّن إحصاء أجرته شركة متروبول التركية المتخصصة أن شباب تركيا يفضلون مشاهدة الأعمال الأجنبية التي تحظى بشعبية عالمية كبيرة على مشاهدة مسلسلات بلادهم.
وفي الأسباب، قالوا إنهم لا يحبّون القضايا السخيفة التي تقدمها التلفزيونات التركية، مشيرين إلى ضعف السيناريوهات التركية مقارنة بنظيرتها العالمية. ووصلت شبكة نتفليكس في نهاية عام 2018 كمنافس للتلفزيون التركي. واخترقت الشبكة الدراما التركية ووضعت بصمتها بقوة.
وبسبب ذلك توترت علاقة الحكومة ونتفليكس. وتتخذ تركيا شعارا رنانا متمثلا في “مكافحة المثلية الجنسية” عنوانا لصراعها مع المنصة، غير أن المشكلة أعمق من ذلك بكثير إذ يقول مراقبون إنه يدور حول مساومات لفرض الرقابة على ما تنتجه الشبكة في تركيا.
وفي سبتمبر 2019 قدمت نتفليكس طلبا للحصول على ترخيص لمواصلة العمل في تركيا، وفق قواعد بث جديدة على الإنترنت، تدفع بموجبه الشركة 0.5 في المئة من العائدات في تركيا للحكومة. وأعلنت المنصة حينها أنها تخدم 1.5 مليون مشترك في تركيا وتصل إلى نحو 10 في المئة من الأسر التركية، رامية إلى توسيع قاعدتها في المجتمع التركي الذي اعتبرته “سوقا مهما ومصدرا مربحا”.
وفي الرابع من ديسمبر 2019 أجرت وكالة الأناضول التركية الرسمية مقابلة مع بلين ديشطاش مخرجة المحتوى بمنصة مشاهدة الأفلام والمسلسلات “نتفليكس”، التي قالت إن “تركيا دولة غنية بتراثها التاريخي والثقافي، وتمتلك الكثير من كتاب السيناريو والفنانين والمخرجين الموهوبين الذين يمكنهم نقل هذا الموروث الثقافي الغني إلى العالم عبر الدراما”.
وتنشط نتفليكس في تركيا بشكل كبير، وأنتجت فيها العديد من المسلسلات والأفلام الرائجة، من أبرزها مسلسل “المحافظ”، كما أنتجت مسلسلا عن قصة حياة السلطان محمد الفاتح، تحت مسمى “الصعود العثماني – Ottoman Rising”.
وفي التاسع من أبريل 2020 شنت حملة واسعة في تركيا ضد شبكة “نتفليكس” تضمنت تهديدا بإطلاق حملة إلغاء اشتراك مليونية، بسبب رد “نتفليكس فرنسا” على أحد المتابعين الأرمن حول إن كانوا يفكرون بتقديم عمل عن الأرمن فجاء الرد أن شبكة “نتفليكس” فكرت جديا بإنتاج فيلم عن الإبادة الأرمنية، الأمر الذي جعل بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي يصبّون جام غضبهم على “نتفليكس” كون تركيا ترفض حتى اليوم الاعتراف بأن ما حصل ضد الأرمن إبادة جماعية.
وفي يوليو 2020 تطور الصدام بين منصة نتفلكيس وحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا بسبب الرقابة المفروضة من قبل الحكومة على “المثلية الجنسية”، وما نتج عن ذلك من محاولات لتقييد عمل المنصة في تركيا، ما دفع نتفليكس لوقف تصوير أعمالها في تركيا رفضا منها للرقابة على الأعمال الفنية.وأكد الصحفي التركي جونيات أوزدمير أن المساومة بين حزب العدالة والتنمية ومنصة نتفليكس على الرقابة أدت إلى حدوث إعادة هيكلة في نشاط المنصة العالمية في تركيا. وقال أوزدمير في تغريدة على تويتر «انتهت المساومة بين نتفليكس وحزب العدالة والتنمية. وأوقفت الشركة تصوير المسلسلات التركية. ولم تقبل بفرض الرقابة».


تابعنا على
تصميم وتطوير