قراءة في ديوان ”فينوس فائق” (أبعاد اللا مسافة) ---------------------------------- وردة أيوب عزيزي صدر حديثا للشاعرة والمترجمة العراقية فينوس فائق ديوانا يحمل عنوان أبعاد اللامسافة عن دار الدراويش ـ كاوفبويرن في ألمانيا، يضم الديوان 18 قصيدة . كتب الروائي الجزائري واسيني الأعرج مقالة نقدية عن القصائد بمثابة المقدمة. كما لاقى انتشارا واسعا واستحسانا لدى القرّاء تكتب فينوس فائق الشعر باللغتين العربية والكردية ، لها خبرة كبيرة في مجال الترجمة حيث ترجمت العديد من القصائد والنصوص والقصص والروايات العربية والعالمية. لها ثلاثة دواوين باللغة الكردية ، وغيرها من المؤلفات والمقالات والبحوث المترجمة إلى عدة لغات . في مجموعة ldquoأبعاد اللامسافةrdquo تأخذنا فينوس إلى عالم مختلف ألوانه وأبجديات لغته، سردياته الفائقة التصوير والدهشة ، تحتفي بالصور، والإستعارات، والدلالات والرموز والتشكيلات الشعرية كثيرا، حيثُ تتعمقُ بالفكرة إلى أن تصبَ رؤاها الفكرية في قصائدها . تنسج بخيوط شمسها الذهبية قلائدا تحيك بها اللغة الرصينة إلى أبعد تخيلاتها. يغلب طابع الألم والجراح في أغلبية قصائدها ولم تنس بدورها معاناة المرأة الشرقية ،كونها من مجتمع شرقي ناصرتها بقوة، قاسمتها أوجاعها، ارتدت أحزانها، فينوس محطات من الوجع الذي لا يفهمه سواها، سر الدهشة في مفرداتها تجعل من القارىء يهيم بها من أول وهلة يحسُ بأنها تكتبهُ ،تقرأهُ، وتقاسمهُ معاناته. ldquoفينوس ldquo الحلم المؤجل ربما للقاء تعثرت خطواته ، لصدفة أجّلها القدر ،تتلذّذُ بفاكهة الانتصار ، تُخرج روحها من غياهب الوحدة، تُداعبُ وحدتها المليئة بالأمل، تفترشُ حلمها المؤجل لتعصر ذاكرتها لتتذكر . أتذكر أننّي كنتُ الخنساء يومًا وكنتُ رابعة العدوية دهرًا وكنتُ ldquoأناrdquo حينَ مات ظلي على رصيف من أرصفتك ياوطن ! قصيدة أتذكر يا لجمال هاته الصورة البديعة ! تارة تتذكر بأنها الخنساء في شعرها وفي صبرها ومن منا لايعرف رثاء الخنساء في أخيها صخر بكتهُ حتى أصيبتْ بالعمى ولكن هذه ليست قصتنا مع الخنساء ، وتارة تدخل بنا في محرابها الصوفي وتؤكد بأنها رابعة العدوية بطهارتها وعفافها ومناجاتها مع الله هالة من الضوء في محراب النسّاك إلى حين ترتمي بين أوجاع الوطن فلا مناصَ منَ الهروب ولا مناصَ من مسحِ الألم من ذاكرة الشاعرة . وتارة ترقصُ للمجهول تحتَ المطر، تغنّي بصمت كي لا يسمعها وتكتبُ للوطن ألفَ قصيدةٍ مخضّبةٍ بالجراح .تحملُ وجعَ الأمة على كتفها ، صخرة من الهموم _هموم الوطن ,وكيف لا وهي المتغربة ،المرتحلة المتنقلة بجسدها هنا وهناك في أكثر من دولة، نذكر منها سويسرا ، السويد ، هولندا، العراق ، تونس ، الجزائر وغيرها فهي التي تحسُّ بوجع الاغتراب أكثر من غيرها . أنشدتْ وطنهاrdquo العراق ldquoبشعرها الصارخ بأعلى صوت من أنثاها وأناتها ـ وغربتها التي لا تعترف بالرجوع ولا تحسّ بالحنين . فهي التي ضمدتهُ بشعرها، أنشدتهُ بصمت ، وتعرف متى ترقّع جرحَهُ وهو في أعزّ الحياة . لبغداد : بجوار دجلة على بعد شبر من حانة القمر أدخل بغداد وهي بيضاء، حافية مثل البداية من الزمن الذي كان بيننا من الفراق أدخلها بجناحين مطرزين بالشوق، لأخشى منْ قلبها الحنون شراب الحياة قصيدة لـ بغداد ldquo فينوس ldquoليست مدينة لأحدٍ بحزنها هي فقط مدينة لشعرها ولوطنيتها . سأكتبُ تاريخّا حجريا يصف هذه البلدة بالخيانة ينعتها بالتنعّتِ والذلّ. قصيدة مثل ريح عاتية الاعتراف بالحبّ عند فينوس في حالتين: حالة التمرد على الألم والبوح بما يعتريها من خجل، فلا تحتاج إلى تحليل فلسفة هذا العالم _الخائن_إلا بالكتابة _أو تعلن انتمائها لزمن الطفولة البيضاء حيث تقول: أدّعي أني حرة أموتُ متى أشاءُ وأعودُ حيّة عندما تعشقني شجرة سأتمردُ على فكرة الوطن وأعلنُ انتمائي لزمنِ الطفولة البيضاء، طفولة ماقبل الأقاويل ماقبل الأديان والحرائق طفولة ماقبل مواسم الصقيع ماقبل الجوع والغثيان هكذا رسمتُ يومي فهبّت الريح وطارت الفرشاة سأخالفُ مقولة حب الوطن من الإيمان قصيدة فكرة الوطن متمردة على المجهول الحاضر الغائب بشخصيتها وصمودها ، وعلى فكرة الوطن المليء بالأسرار والغموض . هي الشاعرة المرهفة الإحساس، فينوس هي الأمل والحب وسرّ الدهشة الأنثوية، أنهار من الدفء سلسبيلٌ من الأمان . ارتدت أنهارا من الوجع، توسدتْ أحزانَ الثكالى واليتامى في شعرها، واجهت الحياة، غسلت أوجاع المرأة بحبرها ، غسلت أحزانها ، غسلت أحلام الأنثى التي بداخلها بماء الشعر ليتلاشى وجعها فلا تتذكر إلى أن تستفيق على موسم اخر من الجرح هكذا اتخذت عناوين قصائدها نكاية في الحزن ذاته إلى حين أن تخبرنا بأنها تذكرت ! وتُجسٌد صورة النسيان بهذه الصورة الفنية البديعة . أغتسلُ كلَّ يومٍ بعطر النسيانِ أغمسُ قطعتينِ من الشعر كلَّ صباح في قهوتي وأشربُها بنكهة منْ فضٌة الكلمات هكذا رسمت ُ يومي فهبّتْ الريح وطارتْ الفراشات قصيدة صور تركت مسحة ألم بادية على وجوه الذين يقرأون صمتها ووجعها المدفون قاب طيات الورق والحبر خير شاهد على ذلك . ldquo فينوسrdquo الأنثى وكفى، زرقة السماء، وبياض الورقة، وخرير الماء ، وشاح من تغاريد البلابل هكذا ذاتها أكدتْ لنا في الديوان. بالرغم من كلِّ الأوجاع تبقى الطيبة في قلبها توزّعُها على أصداء المدينةِ والجنوب عن أبي ورثتُ طيبتهُ وعن المدينة قساوتها وعن الوطن خيبته قصيدة صور يا لهُ من جرح عميق يسكنُ الشاعرة تسكبُ الجرحَ انسكابا في صدرها وترتشف الحزنَ وتعصرهُ حبرًا بين طيات ذاكرتها المثقوبة بالألم !. وهذا لا يمنعها بأن تعشق اخضرار الحياة بلون شفاف كالماء كالصفاء كالعشق العفيف الطاهر هي هكذا شاعرتناrdquo فينوس فائقrdquo في محراب كلماتها وأنفة عزّها وشموخها وأناقة تفكيرها تأخذنا للامنتهى لاشتهاء الحدث! وفي الأخير تُنبّهنا بأنّ الحياةَ ليست فيلمًا رومانسيًا بنهايةٍ سعيدةٍ أن نلتقي تحتَ ظلّ شجرة ، أو بين جدران كوخ على طريق بين ظلال البشر . تطالب بالهدوء ، بالسلم بالطمأنينة ، بالعزف على أوتار القصيدة . لديها الكثير من الأحلام تُخزّنها في علب تكادُ تفقدُ صلاحيتها . هذا ماعرفتهُ عن الصديقة الحبيبة المقربة لقلبي جدا النجمة المضيئة في سماء الابداع الألق عنوانها، فينوس يميزها الإختلاف عن غيرها، تشع نورا في حضورها المضيء ، واثقة من نفسها قرأت كفوف قصائدها الراقية وتفاصيل معاناتها التي تكاد تخفيها عن ملامح البشر أو على منْ يحسدُها أو يترصَدُها خيفة وتوجُسًا إذا أصح القول ! نعم هي الشاعرة والمترجمة والأديبة ldquo فينوس فائق ldquo. ---------------------------------- ثقافية أضيف بواسطة : zawraa المشاهدات : 1237 تاريخ الإضافة : 2022/05/11 - 7:44 PM آخر تحديث : 2024/03/28 - 4:19 AM https://alzawraapaper.comcontent.php?id=340727 ---------------------------------- جريدة الزوراء العراقية AlzawraaPaper.com