رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
الكهرباء والمحنة الكبرى


المشاهدات 1230
تاريخ الإضافة 2022/01/24 - 7:22 PM
آخر تحديث 2024/04/12 - 10:05 PM

عصرنا عصر الفوازير والطلاسم، وفي هذا الزمن المظلم البارد الملعون تكون السياسة قد ارتدت طاقية الإخفاء والساسة وضعوا على وجوههم قناع الخطابات المزيفة بألسنة تجيد كل اساليب الخداع والتضليل.
واحدة من اكبر الفوازير تعقيدا، ومن أكثر الطلاسم ضررا لعموم الشعب هي محنة الكهرباء التي جلبت الهم والغم الى النفوس، وجعلت الشعب حائرا في فك أسرار هذا الطلسم المرعب المخيف ، مليارات الدولارات صرفت وأخرى سرقت من أجل ان ينعم الشعب ببركة الكهرباء، عشرات التصريحات الرنانة والطنانة خرجت من ألسنة لا تعرف الصدق وهي تبشر بوصول مكرمة الكهرباء، وعود كاذبة بعضها انفلت من دائرة المعقول وراح يبشر بتصدير الكهرباء العراقية الوليدة الى ارجاء العالم المتمدن الذي يعاني من الظلام الدامس والبرد القاتل، وبعضها كانت متواضعة فاكتفت بزف البشرى الى الشعب وهي تؤكد على ان كهرباء العراق للعراقيين متأثرة بالشعار الذي يقول: نفط العرب للعرب.
ايفادات واجتماعات مغلقة ومفتوحة، وسرقات بحجم فجيعتنا تمارس من تحت الطاولة ومن فوقها، والجميع يطالبنا بإطلاق الزغاريد في العرس الكهربائي القادم، وعندما رفع الغطاء وجدنا أنفسنا أمام محنة الكهرباء وجها لوجه، وان كل ما قيل كان من باب ذر الرماد في عيون الفقراء والمساكين من شعب العراق.
حفنة مما صرف على الكهرباء كان بإمكانها ان تجعل الكهرباء واقفة على قدميها وتؤدي التحية لشعب العراق، ونصف ما سرق من اموال لمعالجة منظومة الكهرباء كان بإمكانه ان يوفر النور والدفء الى القارة الافريقية وصولا الى بلاد الواق واق.
يجتمع كبار السياسيين وبيوتهم غارقة بكل انواع التدفئة والماء الساخن والنور الوهاج، وبعد كل اجتماع يبدأ البكاء والصراخ والاتهام والاختلاف، وعند العودة الى بيوتهم يغرقون بالضحك على شعب يعيش في الخيام الممزقة والملاجئ والبيوت الفقيرة والى كل ما يمت بصلة الى الحياة، ومع كل يوم تكبر الفوازير وتتعقد الطلاسم.
بلدان تنعم بالكهرباء لم تخسر الكثير، وشعوب مَنّ الله عليهم بتوفير التيار الكهربائي دون ان تتصدع رؤوسهم بالخطابات الفارغة الجوفاء، وفي بلد الفوازير المطلسمة يجتمع السادة بكل قيافتهم السياسية ليقرروا ملامح الكتلة الاكبر بينما يعاني الشعب من المحنة الأكبر الناجمة عن انعدام التيار الكهربائي.
خذوا النفط أيها السادة فلسنا بحاجة إليه ما دام عاجزا عن توفير الكهرباء، لا يهمنا مَن سيأتي للجلوس على عرش السلطة ما دام سوط البرد والظلام يلعب على ظهورنا، كل ما نريده ان نسمع مرة واحدة لسانا يتمتع بالصدق ليكشف لنا عن أسرار الفوازير والطلاسم التي اخذت بخناقنا طيلة السنوات العجاف التي أرضعتنا الخيبة والإحباط.
إلى اللقاء...
 


 


تابعنا على
تصميم وتطوير