جريدة الزوراء العراقية

جلد الذات


يبدو السؤال مهما، لماذا يلجأ البعض على مختلف ثقافاتهم وانتماءاتهم ومرجعياتهم الى عملية شتم الجميع في حالة رفضه لشيء يحصل في البلاد سواء  كان سياسيًا أو اجتماعيا أو حتى فنيا؟.هل هي نزعة ارتبطت بعملية الاستهجان التي يريد توصيلها من يتّخذ من عملية (الشتم) أو (السب) أو حتى الانتقاص بطريقةٍ مذلة؟ أن هذه الظاهرة تحوّلت الى ما أطلق عليه جلد الذات للتعبير عن الرفض الكلّي لما طرح ومن ثم اتهامه للجميع انهم جهلة وأغبياء و(ما تصير جارة) وغيرها بل يلجأ البعض الى التعمّق مستغلا بطريقة ذكية أو غير ذكية لما كتب أو طرح من رأي الى طرح رأيه شاملا الواقع كلّه وليس ردا على  ما كتب، وهذا الأمر لا على فئة معينة بل هي لغة تستخدم للتعبير عن كوامن محتشدة متناقضة. لكن الأدهى منها هو ما يكون الأدباء حين يلجأ بعضهم الى عملية جلد الآخرين بحجة (سوط) النقد أو إبداء الرأي، أو حصول حالة تهكّم لظاهرة غير جيدة، فيتم التعميم دون أن يدري مطلقها انه جزء من هذه المنظومة التي يحاول التقليل من شأنها وكأنه خارج سرب المجموع.. أو انه لا ينتمي الى مسيرة  الأدب حين يطلق عبارة ان الأدب العراقي مشلول وأسير  تجارب الآخرين أو انهويحمل إطنابا وغير ملم بجماليات الفن الأدبي وأنه في حالة انحدار واستسهال وكثرة النشر، وغيرها من تلك الاجتهادات التي يبرزها على انه الأكثر معرفة بما يجري دون أن يدرك ان تطيّره هذا سيصيبه لأنه جزء من هذه المنظومة. ولذا نرى في السنوات الأخيرة عملية جلد الذات توسّعت وصارت جزءًا من الثقافة والسلوك لدى من يعتقد انه يدخل في خانة المثقفين، وهذه عملية غير صحية وغير صالحة لانها لا تأتي عن عملية فحص وقراءة، بل جاءت اتباعا لرأي أطلقه البعض ليتحوّل الى مقولةٍ ثم شائعةٍ لتتخذ على انها مقولة قارة على الأدب العراقي الذي يعاني الكثير من الخلل والانحدار متناسين انهم أسرى مقولات نقاد أجانب تختلف بيئاتهم الثقافية والاجتماعية وحتى المرجعيات عن البيئة العراقية المثخنة بالجراح  وصدق    التجربة.


المشاهدات 1124
تاريخ الإضافة 2022/01/10 - 5:59 PM
آخر تحديث 2024/03/20 - 9:54 PM

طباعة
www.AlzawraaPaper.com