ليس كل عظيم ينطق بالحق؛ فقد تكون له ظروف حياتية خاصة، أو دوافع نفسية كامنة في أعماقه من تجارب مؤلمة؛ فيصوغ معاناته قولاً بليغاً تتداوله الألسنة والأقلام، فقط لمجرد أن قائله هذا المفكر أو ذاك الفيلسوف، أو العالِم...
من ذلك ما قرأته مؤخراً لإلبرت: هُبَرْد ( Elbert Hubbard ) وهو كاتب أميركي، فنان وناشر وفيلسوف  توفي عام  1915” لا تَحمل الحياة على محمل الجدّ؛ لأنك لن تخرج منها حياً “.!!
وهو قول غريب خطير قد يؤدي بمعتنقه إلى اللامبالاة والسلبية في الحياة . أين هذه السلبية من قول المتنبي في تحدي مصاعب الحياة 
(تَمَرَّسْتُ بالآفَــات حتى تركْتُها تقول:
 أمات  الموتُ؟ أم ذُعِرَ الذُعْرُ؟
وأقدَمْتُ  إقدامَ  الأَتِيِّ  كأنّ لي      
سوى مهجتي أوْ كان ليْ عندها وِتْرُ)
لقد جعل المصائب تتعجب من تحدياته لها وتقول: “ هل مات الموت فلم يمت هذا الذي يتحداني؟ وهل أُصيب الخوفُ بالذّعر منه؟ إنه لا يخاف شيئاً ؟ ويتابع المتنبي: لقد اقتحمت الحياة كالسيل الجارف وكأنّ لي نفساً أخرى عندي ثأر منها !!
ولإلبرت هُبَرد، قول شائع سلبي آخر: “ لكي تتجنّب النقد: لا تقل شيئاً. لا تعمل شيئاً. ولا تكن شيئاً “ !! وهو في الأصل قول منسوب إلى الفيلسوف اليوناني أرسطو الذي هرب من طغاة أثينا بعد تهديده بالقتل، كما هرب أستاذه أفلاطون، وأرغموا سقراط على تجرُّع السم.
هل نكون قروداً صينية في المنحوتة الشهيرة حيث يُصِمّ قردٌ بيديه أذنية، ويُكمِّم الآخر بيديه فمَه، ويُعَمِّي الأخير بأُخرَيَين عينيه؟ !!