د.  ليث عبد الرحمن الماس
زوربا اليوناني هي رواية للكاتب نيكوس كازانتزاكيس. تدور أحداثها عن قصة رجل مثقف، اسمه باسيل، غارق في الكتب يلتقي مصادفة برجل أميّ مدرسته الوحيدة هي الحياة ...
زوربا ليس فيلسوفًا، ولا حكيمًا، إنه رجلٌ أحمق، أو مجنون، ممتلئ بالحياة فقط .
زوربا، رواية الكاتب اليوناني الشهير نيكوس كازانتزاكيس، التي يحكي فيها عن شاب مثقف يدعى باسيل، يلتقي برجل مسن وأحمق، أمّي لم يقرأ كتابا يوماً اسمه ” زوربا “. تنشأ علاقة صداقة بين الرجلين، ومن خلالها تتغير كل مجريات أحداث الشاب باسيلْ الذي جاء راغبا في استثمار أمواله في مشروع مربح بعد أن ورث مالا من أبيه.
الرواية تحكي عن عبثية وتلقائية زوربا في الحياة، وكيف أنه استطاع أن يبصر بعمق كل التفاصيل بذات الدهشة الأولى، فبرغم أنه لم يتخبط بين أسوار الثقافة السرمدية، إلا أنه قادر على تذوق معاني الحياة، وتلذذ هذا الوجود بكل ما فيه من تناقض. كل هذا ألهم (باسيل) وجعله ينظر من زاوية أخرى مختلفة تماما عما أملته الكتب والورق، وبرغم تناقض كل من زوربا وباسيل، إلا أنهما ارتبطا ارتباطا وثيقا حرا من أي مصلحة، ما جمعهما هو ” الإنسان ” وذاك التكامل العجيب الذي جمع بينهما، فأصبح كل منهما وجها آخر للآخر !
الرواية التي حققت ولا تزال تحقق مبيعات عالمية، تعتبر من بين أهم ما كتب في الأدب العالمي، استطاعت أن تخلف نظرة مختلفة عن الحياة وتؤطر فلسفة مغايرة تخرج عن الحدود و القوالب. زوربا هي شخصية حقيقية قابلها نيكوس في إحدى اسفاره، وقد اعجب به اعجابا شديدا، فكتب رواية باسمه. الملفت في رواية زوربا، هو قدرة نيكوس على وصف شخصية زوربا بشكل مطوّل ومفصّل وعميق، حتى انك تشعر لوهلة أن زوربا هو الشخص الأعظم في هذا الكون. المميز في زوربا هو انه يحب الحياة بكل أشكالها، لا يذكر الحزن، بل يذكر الفرح دائما. في لحظات حزنه الشديد، أو سعادته الشديدة، يرقص رقصته المشهورة، (رقصة زوربا).. في تلك الرقصة، يقفز إلى الأعلى لأمتار ويستغل كل ما هو حوله من بشر أو من أدوات وجمادات.
تأملوا فلسفة زوربا في هذا المقطع القصير :
(ولماذا لا تكتب حضرتك - يا زوربا - كي تفسّـر لنا جميع اسرار الكون ؟
** لأنني أعيش بالفعل كافة أسرار الكون الذي تتحدث عنها أيها الأحمق وليس عندي الوقت لأكتبها .. ليس عندي وقت لأمسك هذه الأداة الفارغة التي تسمّونها “ القلم “ .. لهذا السبب انتشر الهراء في العالم ، فمن يعايشـون الأسرار ليس لديهم وقت لكتابتها .. ومن لديهم وقت للكتابة لا يعايشون الأسرار ..).