رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
عالم الأقنعة المخيف


المشاهدات 1433
تاريخ الإضافة 2021/12/01 - 5:25 PM
آخر تحديث 2024/04/24 - 1:21 AM

عندما تضيع بوصلة التوصيل والتوجيه في مناطق الخطأ والصواب تزدهر بضاعة الأقنعة وتنتعش اسواق طاقيات الاخفاء وكمامات التستر ، وعندما يتعالى الصراخ وترتفع الاصوات ينقطع الخيط الدال ويصعب التمييز بين صفير البلبل وزئير الاسد ونقيق الضفادع .
وعندما تأكل المخدرات فتوة الشباب وتمتص البطالة احلامهم ويتجهون نحو البحار والمحيطات لعلهم يجدون فرجا ، تكون الاقنعة قد احكمت قبضتها على الوجوه وتكون الالسن قد انفلتت من عقالها لتمارس حريتها في ممارسة الكذب وهي تعلن عن الانجازات الكبيرة والانتصارات الباهرة .
وفي زمن المحاصصات بكل اشكالها وانواعها وصنوفها تقفز قارئة الفنجان لترسم خريطة البلاد والعباد وتتحدث بلسانها الفصيح عن زمن السلام والرخاء والوئام وعن استمرار المسيرة الظافرة .
في ظل ازدهار الاقنعة تزدهر اساليب الضحك على ذقون الفقراء والمساكين والمحرومين وتنتعش لغة الاتهام والتخوين ويصبح اصحاب الاقنعة السميكة اكثر قدرة على ممارسة صناعة البطل الشجاع والقائد المنقذ والنفخ في البالونات الفارغة ، ويكون الوطن هدفا لتسديد السهام اليه وسط الهتاف باسمه .
في عالم الوجوه المقنعة والملونة بكل مساحيق التضليل الدعائي والتعتيم الاعلامي يكون الصدق غائبا عن الحياة ، وعندما يغيب الصدق لا تجد في الميدان غير اصحاب الاقنعة وهم يمارسون طقوسهم على مسرح الوطن الذي يئن من كثرة السهام المزروعة في قلبه ، ويكون الشعب قد ذاق مرارة الهزيمة رغم كل الشعارات الفارغة التي تمجد دوره وتهتف بحياته .
مشهد الاقنعة ازداد اتساعا وعمقا عندما دخلت النخب الثقافية اليه ، وكل واحد يرتدي قناعه  ويقفز من خندق الى خندق ، ويرمي ولاءه في حضن كل مسؤول طمعا في الحصول على فتات موائده وعطاياه ،، وبدلا من الدور الايجابي الذي يفترض ان يؤديه باعتباره مصدر تنوير انقلب بعضهم الى اداة تخريب ووسيلة من وسائل انتشار ظاهرة الظلم الذي راح ضحيتها الكثير من شرائح المجتمع وخاصة الشباب نتيجة تفضيل بعضهم على البعض الآخر ولأسباب لا تمت الى شرائع الله ولا الى احكام المنطق السليم ..
عالم الاقنعة المخيف لا يمكن ان ينقذ وطنا وليس باستطاعته ان يمنح الحياة الحرة الكريمة للشعب ، الاستقلال يتحقق من خلال الارادة والتصميم ونكران الذات ، والحياة القائمة على العدل والمساواة لا يمكن ان تقوم الا على اعمدة الايثار والتضحية واشراك الجميع في عملية البناء ، وعالم الاقنعة ليس بمقدوره ان يقدم خيرا لا الى الوطن ولا الى الشعب ، ومن يريد الخير لوطنه وشعبه عليه ان يساهم في رفع الاقنعة عن الوجوه ويقلب الفنجان على رأس صاحبته ، وان يقطع الالسن الملتوية المتفرعة التي تمارس الخداع ، فميادين الفروسية تكون في الميادين المغمورة بنور الله وليس في دهاليز الاقنعة الغارقة في الظلم .
الى اللقاء 


تابعنا على
تصميم وتطوير