رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
الصحفيون المصريون يدفعون ثمن استمرار التناقض بين الدستور والقانون ..غياب الإرادة السياسية والإعلامية يمهد لاستمرار تجميد تشريعات حظر حبس الصحفيين في مصر


المشاهدات 1026
تاريخ الإضافة 2021/11/24 - 5:39 PM
آخر تحديث 2024/03/16 - 2:46 AM

القاهرة/ متابعة الزوراء:
أثارت الأحكام الصادرة عن محكمة أمن الدولة العليا في مصر بحق اثنين من الصحفيين أخيرا في قضايا النشر على ذمة القضية المعروفة إعلاميّا بـ”خلية الأمل” تساؤلات عن أسباب عدم تفعيل النص الدستوري الذي يحظر الحبس في قضايا النشر، مع إقرار البرلمان قوانين تتضمن عقوبات سالبة لحريات الصحفيين.
لم تكن هذه الواقعةُ الوحيدةَ المثارة في الأوساط الصحفية حاليا؛ إذ عبرت مشكلة طرحت في مجلس النواب قبل أيام -بشأن قانون مكافحة الأوبئة الذي تضمن مواد عاقبت “كل من أذاع أو نشر أو روج عمداً أخباراً أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة مرتبطة بالحالة الوبائية” بالحبس أو دفع غرامة- عن جوهر الأزمة في ظل إقرار قوانين عديدة تضمنت عقوبات مرتبطة بقضايا النشر.
وقد وافق البرلمان على تعديل المادة الخامسة من مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن إجراءات مواجهة الأوبئة والجوائح الصحية، بما يمنع تطبيق عقوبة الحبس على الصحافيين في نشر أخبار تتعلق بالجائحة، بعد تدخل عدد من النواب الذين طالبوا باستثناء الصحافيين من نص القانون لمخالفته نصا دستوريا.
ويتخوف البعض من الصحفيين في مصر من أن يجري إقرار قوانين أخرى قد لا يستجاب فيها لمطالب بعض النواب، بالتزامن مع عدم التزام المُشرعين بالنص الدستوري الذي يمنع الحبس في قضايا النشر، ما يجعلهم يدخلون في صراعات مع السلطة التشريعية، ويظل هناك سيف مسلط دائما على رقاب القائمين على عملية النشر.
وأحالت الحكومة المصرية في شهر مايو الماضي مشروع قانون خاص بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات، تضمن مادة تعاقب بالحبس والغرامة كل من “صوّر أو سجل أو بث أو نشر أو عرض كلمات أو صورا لوقائع جلسة مخصصة لنظر دعوى جنائية أثناء انعقادها بأي وسيلة كانت، دون تصريح”، قبل أن يلغي البرلمان عقوبة الحبس، واكتفى بعقوبة الغرامة المالية.
ويقول البعض من خبراء الإعلام إن الجزء الخاص بالحبس في قضايا النشر ضمن قانون الصحافة الموحد الذي قدمته “لجنة الخمسين” مازال حبيس أدراج وزارة العدل، ويتضمن تعديل مواد قانون العقوبات وغيرها من القوانين المرتبطة بالحبس في قضايا النشر، ما يؤدي إلى صدور أحكام مخالفة للنص الدستوري.
ويشير هذا الأمر إلى أن هناك دوافع قانونية وأخرى سياسية تجعل الصحافيين تحت رحمة الحبس في قضايا النشر، لأن البرلمان يتجاهل استعادة القوانين التي كان من المفترض إقرارها ضمن قوانين تنظيم الصحافة والإعلام في العام 2018، إلى جانب أن الأحكام التي تصدر في القضايا غير القابلة للنقض في محاكم أمن الدولة أو المحاكم العسكرية توفر فرصا لحبس المزيد من الصحافيين بأسانيد قانونية.
ويجد الصحفيون أنفسهم أمام جملة من التحديات، لأن نقابتهم التي من المفترض أن تلعب دورا أكبر على مستوى الضغط لإقرار القوانين والوقوف في وجه أي تشريعات تحد من حرية الصحافة لا تقوم بدورها اللازم، وتأتي التحركات من جانب الصحافيين تحت قبة البرلمان لتحسين الأوضاع، ولم تعد هناك ثقة في قدرتها على اتخاذ مواقف تضمن تحسين الأجواء المساعدة على عمل أعضائها.
ويواجه الصحفيون أيضًا أزمة توسع دور بعض الأجهزة الحكومية في التعامل مع قضايا النشر باعتبارها تندرج ضمن حجج التحريض على مؤسسات الدولة ما يضعهم بشكل مستمر تحت طائلة القانون، وهو ما ينعكس على مجال الحريات في ظل أجواء تتخذ فيها الحكومة إجراءات استثنائية لمكافحة الإرهاب.
وقال نقيب الصحفيين السابق يحيى قلاش إن “النص الدستوري بحسب المادة 71 معطل تحت قبة البرلمان، والأمر بحاجة إلى وجود تشريع يترجم هذا النص، وهو ما تقدم به مجلس النقابة السابق بالتعاون مع لجنة الخمسين التي وضعت دستور العام 2014 دون النظر فيه حتى الآن، بما يشكل خطراً مباشراً على الصحافيين في ظل وجود ترسانة من القوانين التي تتيح الحبس في قضايا النشر”.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “تحريك تلك التعديلات يتطلب إرادة إعلامية وسياسية لوقف الحبس في قضايا النشر بوجه عام، والأمر لا يتعلق فقط بالصحافيين، بل بكل من لديه سلطة النشر عبر وسائل الإعلام الرسمية أو مواقع التواصل الاجتماعي، ومناقشة البرلمان لتلك التعديلات ضمانة للحريات بوجه عام، وبات هذا الأمر مطلوبا حاليا مع اتخاذ إجراءات تبرهن على رغبة الحكومة في تحسين الأوضاع الحقوقية في البلاد”.ودعت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي في منتصف سبتمبر الماضي إلى “تعديل التشريعات القائمة لتعزيز الاتساق بين القوانين الوطنية والمبادئ والضمانات الواردة فى الدستور والاتفاقيات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان المنضمة إليها مصر”، وأكدت على ضرورة مراجعة الجرائم المعاقب عليها بعقوبات سالبة للحريات.
وأشار قلاش إلى أن “تضييق مساحات الحوار يجعل هناك قيودا عديدة أمام تحرك نقابة الصحافيين والمجتمع المدني لرفض قوانين الحبس في قضايا النشر، وأن القوى السياسية التي كانت تقود هذا الحراك في السابق كمسألة تتعلق بالحريات العامة وليس من المطالب الفئوية لم تعد موجودة، ما جعل الرأي العام لا يهتم بمثل هذه القضايا”.
ويؤكد الخبراء أن خفوت أصوات النقابات المهنية انعكس على تحركات نقابة الصحفيين، وهو أمر تحاول الجماعة الصحفية تعويضه من خلال حملات توقيعات تأخذ أهمية أكبر في أعقاب أحكام صدرت بحق صحفيين في قضية “خلية الأمل” للمطالبة بتدخل رئيس الجمهورية بعدم التصديق على تلك الأحكام.
واستمرت حملة التوقيعات للمطالبة بعدم التصديق على حكم حبس الصحفيين هشام فؤاد 4 سنوات وحسام مؤنس 3 سنوات، ويطالب المئات من الموقعين عليها نقابة الصحفيين بمخاطبة رئيس الجمهورية لعدم التصديق على الحكم ومخاطبة مجلس النواب لإصدار قانون يقضي بمنع الحبس في قضايا النشر، وعقد اجتماع عاجل لمجلس النقابة لمناقشة أوضاع المحبوسين والإفراج عنهم وفتح ملف الحريات العامة.
وأدى تورط الإعلام التابع لجماعة الإخوان في العديد من جرائم التحريض خلال السنوات الماضية إلى زيادة هواجس الحكومة أثناء التعامل مع أي قوانين تتيح حرية عمل وسائل الإعلام بشكل طبيعي.
ومع المضي في طريق إفساح المجال أمام عودة عمل قناة الجزيرة وربما غيرها من المنصات المحسوبة على قطر وتركيا سوف تكون هناك حاجة إلى استمرار التشريعات التي تمكن الحكومة من اتخاذ إجراءات قانونية بحق المخالفين.
 


تابعنا على
تصميم وتطوير