بعيداً عن السياسة وقرف السياسيين وصراعهم المحموم لاحتلال المناصب وتحقيق المكاسب، سنخرج عن المألوف ونكتب عن تاريخ الصحافة العراقية باعتبارها من مفردات عملنا المهني.. حيث أهداني الدكتور عبد المنعم الشمري كتابه الموسوم «الصحافة العراقية في مرحلة الاحتلال الامريكي» ، وقد تمعنت في قراءة الكتاب واستمتعت به لما يحتويه من مادة علمية لا غنى عنها لأي صحفي ان يطلع عليه، حيث جعل المؤلف كتابه وبما يحتويه من مادة دسمة سفرا خالدا لجميع من امتطى صهوة الاقلام الجامحة وامتهن هذه المهنة التي اسماها البعض «مهنة المتاعب».. وقسّم الباحث كتابه الى اقسام بدأت منذ مرحلة ما بعد سقوط النظام السابق عام ٢٠٠٣ واطلق عليها مرحلة الاحتلال الممتدة من ٢٠٠٣/٤/٩ ولغاية ٢٠٠٤/٦/٣٠ ، والتي اطلق عليها مرحلة الاحتلال الامريكي موثقة فيها الصحف الصادرة في تلك المرحلة ثم مرحلة مجلس الحكم او ما يطلق عليها مرحلة ادارة الدولة والتي تمتد من ٢٠٠٤/٧/١ والى حين كتابة الدستور وإقراره، ثم ينتقل الكاتب الى مرحلة سيادة الدستور على نظام الحكم وتحول النظام السياسي الى نظام برلماني.. ووثق الكاتب بشكل علمي دقيق جميع الصحف الصادرة منذ بداية اصدارها وجهة تحريرها ونوع صدورها وهويتها.. ويؤكد الباحث في كتابه، الذي يعد مرجعا لا غنى للصحفي من الاطلاع عليه اضافة جديدة للمكتبة العراقية.. ان هذا النموذج من التوثيق والذي رافقه تحليل نصي عن كل ما ورد فيه من تفاصيل سوف يشكل متغير اطمئنان للباحث الاعلامي او السياسي او الباحث عن التاريخ على اعتبار ان ما نشر فيه من حقائق مسلمات علمية في المجال الموضوعي للبحث الاكاديمي للصحف في مختلف الاختصاصات الإنسانية، وقد سلط الدكتور عبد المنعم في كتابه الضوء على اهم حقبة من حقب تاريخ العراق، ويعد الكتاب في منهجه واسلوبه دعوة لكل الباحثين ولمختلف اختصاصاتهم للاطلاع عليه واعتباره مرجعا توثيقيا للنشاط الاعلامي والثقافي والمعرفي بكل تفاصيله، ولجميع مناطق العراق من بداية الاحتلال الامريكي وحتى المراحل التي تلته على وفق المنهج او الاسلوب الذي اتبعه الباحث.. ويدلل الكتاب استنادا لمعطياته المعلوماتية على بعض الحلول الانسانية المتعلقة بأهداف المصالحة الوطنية وأسس العفو العام لبعض السجناء والموقوفين إذا ما تم التحقق من مصدر هذه الحلول.. والكتاب هو في كل الاحوال خزين للمكتبة العراقية لا يمكن الاستغناء عن قراءته بتأنٍ لمعرفة تاريخ الصحافة العراقية في مرحلة الاحتلال وما مرت به من تطورات.. وهو جهد قدمه الباحث لينير الطريق لأي باحث عراقي او عربي او اجنبي يسعى للاستنارة في هذا المجال، وأنصح كل صحفي بقراءته قراءة متأنية للاستنارة من هذا المرجع الثقافي.