تحولات ما بعد الانتخابات النيابية ---------------------------------- طُويت صفحة الانتخابات النيابية لتتوجه الانظار الى ما بعد الانتخابات، فلا شك ان العراق قد دخل مرحلة الممارسة الديمقراطية التي ستأخذ البلاد حكما الى مجموعة من الاستحقاقات المقبلة. وفي اجواء التصويت والعملية الانتخابية تطرح اشكالية الديمقراطية نفسها في العراق امام تساؤلات حول فهمها وممارستها في المجتمع العراقي، الذي يحتاج ربما الى اعادة ترتيب داخلي لإنضاج الممارسة الديمقراطية وفق نظام سياسي يؤمن العدالة والحرية بين مواطنيه. هذه الاشكالية ترددها العديد من النخب العراقية، فالديمقراطية لا تأتي بشكل فجائي ولا تأتي بالقوة كما حصل في العراق، خصوصا ان عملية التغيير السياسي جاءت بعد الغزو الاميركي على العراق، فما هو واقع الديمقراطية وكيف هو موجود في ذهن المواطنين، وهل يمكن ان تمارس الحياة بديمقراطية فعلا في ظل سيطرة الاحزاب السياسية والطائفية. هذه الاسئلة تفرض نفسها اليوم بعد دخول العراق مرحلة ما بعد الانتخابات البرلمانية، وبالتالي ما يتوجب على المعنيين القيام به من اجل تأصيل الديمقراطية وجعلها منهجاً مقبولا في حياة المواطنين، وبالتالي تحول الديمقراطية التي دخلت بقرار اميركي الى ديمقراطية بمطلب عراقي. ولا شك ان المتابع للتطورات العراقية الاخيرة يلحظ عملية المقارنة الدائمة بين العراق ولبنان، وظهرت مصطلحات سياسية تتعلق بعرقنة لبنان ولبننة العراق، فإذا ما انطبق المثال الاول على اللبنانيين فهل يصح فعلا لبننة العراق؟ لعل الثابت اليوم ان النظام السياسي وعملية توزيع السلطات على اساس مذهبي كما هو في رئاسة الحكومة اللبنانية التي يمثلها السنة ورئيس مجلس النواب الذي يمثله الشيعة ورئيس الجمهورية الذي يمثله المسيحيون هو امر أضر بالنسيج اللبناني، وأبعد عن اللبنانيين خيار الوصول الى دولة مدنية غير طائفية، فهذا الواقع جعل لبنان يدخل في ازمات سياسية متلاحقة وادى ايضا الى شرذمة القرار اللبناني ودخوله في نفق اسود لا يعرف له نهاية فهل يريد العراق فعلا القبول بلبننته وهو الخارج من غزو اميركي شرس ما زالت تداعياته في كل مفصل من مفاصل الحياة السياسية فيه، وباعتقادنا ان المسألة تحتاج الى جهود اكبر على مستوى المجتمع وعلى مستوى كل المعنيين لتثبيت الديمقراطية وتعديل الخلل في ممارستها. ولعل الايجابية الاساسية في الانتخابات الحالية هي حصولها وفق نظام انتخابي جديد من جهة، ووفق مطالب المظاهرات التشرينية التي ادت الى اجراء انتخابات مبكرة، وهنا يكمن التساؤل حول تطلعات من نزل الى ساحات التظاهر بعيد هذه الانتخابات، وما الذي ينتظره من الطاقم السياسي المقبل. غداً سيكون العراق امام واقع جديد بغض النظر عن نسبة التغيير التي حصلت في البرلمان، فهل يتكرر المشهد السياسي بعيد كل انتخابات نيابية، حيث يتم انتظار التصديق اولا على نتائج الانتخابات، ثم عقد جلسات عديدة لتحديد رئيس الوزراء المقبل، الذي يمكن ان يتم التوافق عليه وربما لا يتأمن له هذا التوافق، ومن ثم الدخول في عملية اختيار رئيس للجمهورية، وسط تحالفات قد تبرز هنا او هناك لإرضاء هذا الفريق او ذاك. بالطبع هذه تساؤلات تُطرح بعد أي انتخابات نيابية، لكن هل سيتجه العراق فعلا ضمن هذا السيناريو أو ان الامر شبه محسوم، لا سيما لدى التيار الصدري، صاحب اكبر كتلة نيابية حسب نتائج الانتخابات، والذي لديه مرشحه لرئاسة الوزراء فمن الواضح انه منذ بداية الاعلان عن اجراء انتخابات نيابية مبكرة بدأت غالبية الكتل تعمل ضمن اطارين، الاول التطلع الى اجراء الانتخابات النيابية وتحقيق اعلى المكاسب في البرلمان، وثانيا مرحلة ما بعد الانتخابات، خصوصا ان نتائج التصويت كانت متوقعة، وفي حقيقة الامر لم تحصل تغييرات كبيرة يمكن ان تعطي نتائج غير متوقعة. إذن، المرحلة السياسية المقبلة حساسة لكثرة المستجدات والمتغيرات على الساحة الداخلية، ومهما يكن شكل السلطة السياسية واسماء الرؤساء، ينتظر الشباب الغاضب في تشرين مدى حصول التحولات التي يمكن أن ترضيه والتي تمنعه من إعادة النزول الى الشوارع من جديد. ---------------------------------- تقارير أضيف بواسطة : zawraa المشاهدات : 1159 تاريخ الإضافة : 2021/10/12 - 8:22 PM آخر تحديث : 2024/03/17 - 3:06 AM https://alzawraapaper.comcontent.php?id=330920 ---------------------------------- جريدة الزوراء العراقية AlzawraaPaper.com