رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
رواية (خفافيش كورونا) للروائي إبراهيم رسول.. الجائحة التي عطلّت الحياة


المشاهدات 1329
تاريخ الإضافة 2021/09/15 - 5:25 PM
آخر تحديث 2024/04/21 - 7:24 PM

علي لفته سعيد
في روايته الرابعة التي حملت عنوانًا ملفتَا (خفافيش كورونا) والتي صدرت طبعتها الثانية من مصر بعد أقلّ من أربعة أشهر على صدور الطبعة الأولى من بغداد يحاول الروائي إبراهيم رسول أن يقدم ملمحًا مهمًّا من ملامح الحياة في ظلّ الجائحة، ليس بمعناه الاجتماعي فحسب، بل من خلال نقد الحالة التي أوصلت البشرية إلى ما وصلت إليه في أزمة الوباء, من انهيار وتعطيل للحياة العامة.. وقد بدأ العامل النقدي أو التغلغل للحياة من خلال ما أطلق عليه بطريقة الجمع (خفافيش) ليجعلها دسيسةً مضمرةً تُحاك في الظلام لتدمير البشرية، مثلما جعلها نقدًا للسياسات التي اتُخذت في الأزمة, وما رافقها من انهيار اقتصادي كان متوقعًا بحسب رؤية الكاتب والذي جاء نتيجة حتمية للانهيار الصحي على  الصعيد الاجتماعي أو الدول المتقدمة. 
تراجيديا الحزن
يقول المؤلف رسول الذي سبق أن أصدر ثلاث روايات (الحب الطموح )2017 و(طبول الظلام 2019) و(الرجوع الصادم 2020) إن الرواية تسرد” يوميات أفراد هم أعضاء في الكادر الطبي وفنيين، وتكشف خيوط استغلال تجار الأزمات والمنتفعين لمعاناة الفقراء والبسطاء” ويصف حبكة الرواية من أنها” تراجيدية، تنضح بموسيقى حزينة تبتز العواطف، مدعومة بلغةٍ شاعريةٍ سادت في معظم مواطن الرواية” ويتحدّث عن شخصياتها فيقول إنهم” شخصيات متعدّدة, منها سيف, مرتضى, وليد ولكل منهم أحداثه الخاصة” ويشير الى إن” سيف هو الباحث, القلق, المتردد, الذي يتقلب في أوجهٍ شتى, وفي كلّ حياته كان يوجه الأسئلة مقابل ما يحاك من دسائس ضدّ الإنسان من قبل تجّار الدم وسماسرة البشر, وكيف انتشر الوباء وكيف كانت رؤية العالم والانظمة السياسية أمام هذا الكائن الغريب الصغير جداً” وتحفل الرواية بالنقد الى الدولة والحكومة العراقية عبر نقد ظاهرة الانهيار الصحي حيث إنها” تقدّم نقدًا مباشرًا للطبقة السياسية الحاكمة وغرقها في الفساد والجهل واستغلال كل شيء حتى شراء الأدوية والأمصال واللقاحات” كما تنتقد الرواية” طريقة تعامل المراكز الطبية المحلية مع الحالات المرضية، وكيفية تعاطي مؤسسات الدولة مع الجائحة. وعمّا تثيره الرواية قال رسول إنها تهدف” لإثارة سؤال كيف ولماذا” وعن عنوان الرواية بالخفافيش قال إنه” الطائر الذي” لا يطير إلّا في الظلام وهو معادل موضوعي لعتمة الموقف وضبابيته وجهل الجميع به” ويمضي بقوله إنه جعل” النصّ السردي مراوغًا ما بين النقد المباشر وبين ما يراد للمتلقي متابعته بما ورد من دلالات داخل الحكاية” 
 مهارة العنوان
هذه الرواية أخذت حيّزًا من النقد.. فالناقد الأكاديمي الدكتور مصعب مكي زبيبة يقول أن من أهم العتبات” كان العنوان الذي اشتغل عليه الروائي بمهارةٍ كونه جمع كلمتين هما، خفافيش التي يعتقد أنها السبب في نقل الوباء إلى البشر، وكورونا وهو اسم الوباء الذي أرعب العالم” ولذا فالرواية من وجهة نظر زبيبة” لم تميّز فئةً دون أخرى، فشمل الوباء الفقراء والأغنياء على حدّ سواء. وصورت لنا دلائل متعدّدة منها الرعب الذي خلّفه الوباء، وصوّرت أيضا خفافيش البشر التي اعتاشت على هذا الوباء” ويمضي الناقد بقوله أن ما يحسب للرواية أنها” على جانب من المحاكاة السريعة لهذا الحدث المدوي، الذي أوقف الحياة، وربما كانت هذه الرواية من أوائل الروايات التي عالجت هذا الوباء أدبيًا، فأعطى العنوان الفرعي انطباعًا بالريادة في الكتابة في هذا الوباء الطارئ على البشر”.
السرديات ومحنة العالم 
الرواية أرادت الاقتراب من ضمير الإنسان في كلّ بقاع الأرض وإن كان المكان في العراق الذي لم يختلف عن سرعة انتشار الوباء. يقول الناقد العراقي ظاهر حبيب إن الرواية” تناوبت فيها ضمائر المتكلّم والغائب على توالي لتمثل سرديات محنة العالم في مواجهة الوباء فكانت الشخصيات تتبارى في تولي الحكاية” ويبيّن إن ضمير المتكلّم عبر شخصية السارد المشارك نجد فيها” تجليات الحرمان النفسي والعاطفي طاغية عليها كونها سردت محطات التوجّع والأسى والمرض” ويرى إن سيف تمثل المعادل الموضوعي و” أيقونة للشباب المحروم والمتطلّع للعشق والمحبة الطموح المكتنز  بالرغبات الإيروسية والنفسية والجسدية وأنه أتقن لعبة المراوغة مع اللصوص المتربصين بالوطن” ويرى ايضا ان الروائي ناقش طريقة” القفز والثراء عبر سحق العظام التي نخرتها الأوبئة والامراض بصفقات رمادية القتومة تشوبها سحنة التمرد والجشع لكون الأرض وما عليها في حالة مجهولية الملكية قبل الوباء وبعده” ويعتقد الناقد إن الكاتب تمكّن من” جعل السرد بضمير المتكلم يشكل قربًا نفسيَا وكشفا متواليًا للأحداث ضمن  تشكيل عناصر الخطاب السردي والمحايث لتجلياتها”


تابعنا على
تصميم وتطوير