جريدة الزوراء العراقية

سخونة التجاذبات والمنطق المعتدل


لا يوجد قانون ثابت يرسم مسار الاحداث في السياسة ، ولا غرابة في قفز الاحداث فوق جدار التوقعات والتكهنات ، فلا توجد في السياسة خرائط تقاس بالمساطر ولا معادلات تتحكم فيها الارقام ولا نتائج تخرج من رحم المنظور والمباشر .
ما يزيد المشهد تعقيدا كثرة الوجوه التي تحدد مسارات ما حصل وما سوف يحصل وتجتهد في رسم سيناريوهات خارج حدود المنطق السائد ، وكثرة الاقلام المفتوحة شهيتها على التحليل الساذج المترهل وعلى اطلاق الخطابات النارية الجوفاء وعلى وضع الاصبع على مناطق ابعد ما تكون عن مناطق الصراع وأسباب التجاذبات السياسية الدائرة في العراق .
لا غرابة في كل هذا طالما ان المشهد متشابك ومعقد وساخن ، و التدخل من جميع الاطراف الخارجية المحيطة بالمشهد تعمل بقوة من اجل دفع الامور لصالحها ، وطالما ان ما يحصل يعد جزءا من عملية شاملة يتأثر سلبا وايجابا وفق بوصلة التجاذبات الكبرى التي تشهدها عموم المنطقة .
ولا غرابة أن تجد فعل اللاعبين على الحبال ، والقافزين من خندق الى آخر ، واللاهثين وراء هبات أولي الامر ، أصحاب الرؤوس المتعددة والألسن المتفرعة والأقلام الرمادية وهم يتصدرون الواجهات بسرعة ويختفون بسرعة أكبر ، ففي الازمات الحادة يكشر النفاق عن انيابه ، وعليك ان تتحصن بالهدوء امام هؤلاء فهم نتاج طبيعي تفرزه طبيعة الاختناقات التي يمر بها البلد ، فهم يشبهون الدم الفاسد أثناء عملية الولادة وهذا ما يحدث في كل مكان وفي كل عصر أثناء الولادات الكبرى وعلى مر صفحات التاريخ القريب والبعيد .
ما يثير الغرابة حقا ان جميع الأطراف المتنافسة للجلوس على العرش تحشد كل امكانياتها للفوز بما تتمنى ، وأن جميع التيارات المتصارعة في ميدان السباق تجند كل ما لديها للحصول على الكأس ، وان البعض وبدافع الاغراء يستخدم كل الاساليب للوصول الى الهدف.. وما يثير الغرابة أكثر أن المتصارعين يدركون جيدا ان كأس الفوز من نصيب طرف واحد ، وأن العرش لا يجلس عليه غير واحد .
الصراع سيأخذ مسارا أكثر سخونة في الايام القادمة، والتنافس سيكون على أشده كلما اقترب موعد الانتخابات ، والوعود المغرية والخطابات النارية والقصائد المتوجة بصنوف البلاغة ما عاد بريقها يفعل فعله بعد هذه المسيرة الطويلة التي رافقتها الكثير من الأخطاء الكبيرة والتي ألحقت الضرر الفادح بسمعة العراق واستقلاله وبشعب العراق الذي عانى من الاختناقات .
الشعب يتطلع اليوم الى منهج سليم ، والى استراتيجية جديدة ، والى رؤية واضحة لمعالجة الازمات ، والى همّة صادقة قائمة على العدل والانصاف ، ولا يتطلع الى الطرف الفائز أو الجهة التي تجلس على العرش .
الى اللقاء
 


المشاهدات 1403
تاريخ الإضافة 2021/09/13 - 7:22 PM
آخر تحديث 2024/03/23 - 3:34 PM

طباعة
www.AlzawraaPaper.com