رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
قراءة في رواية... السقشخي (قبل أن يطرق الباب طرقات تذكرنا بالماضي)


المشاهدات 1203
تاريخ الإضافة 2021/06/16 - 5:40 PM
آخر تحديث 2024/04/17 - 6:46 PM

فرح تركي ناصر
هكذا انتهت رواية.( السقشخي) للأديب علي لفتة سعيد التي روت حكاية ماجد او مجودي كما اعتاد أترابه ان ينادونه تصغيرا لأسمه كنوع من تدليلاً.... هذه الرواية التي وودت أن لا تنتهي.. فهي قراءة عميقة وملخص لما يكون عليه من حياة العراقي الجنوبي، السومري الذي ورث التاريخ، أو هو من أورث التاريخ الكينونة من عمق وجود حضارته وعراقته يبقى كما النخلة المثمرة يتحمل الحجر ويرمي الثمر ولا يشتكي.
في هذه لروية تبدو اللغة ثرية بالفصحى وخليط من ورود كلمات اللغة العامية إلا ما ندر، حتى يخيل إليك وأنت تقرأ بأنك تقرأ رواية عالمية مترجمة ، لا تنقل واقعاً عاشه عراقي أو قاساه، بل هي روية مستلة من الواقع ليجعلها متخيلة تعتمد على الواقع.. ليس هذا تهوينا من الروايات التي تدرج فيها اللهجة العامية ، بل لآن الروائي علي لفتة سعيد تمكن من الابحار بلغة يستطيع كل العرب أن يفهموا ما يقصده ويرمي إليه ـ  ويمكن لأي مترجم بأن يترجمها بكلماتها وإحساسها وكل انعطافات الأحداث فيها، مع ملاحظة أن يكون المترجم متشرباً بالبلاغة وغائر في مفرداتها. 
تبدأ الرواية مع وجود فرط وجداني عميق،تجاه زينب التي تعد طوق النجاة أو كما خّيل إلي وأنا أقرأ... بأنها كالملاك الحارس الذي توصى بكل إمكاناته لتحمي ماجد الرجل ( السقشخي) وتبذل له كل شيء بطريقة منقطعة النظير وحب جارف، عرفاناً وامتناناً لصدقه وحبه لها لا لشيء أخر، فضلا . ان هذه الرواية لتي تبدا بعملية فضول لمعرفة برجي التجارة العالمي حيث تدور احداث الرواية في بدايتها بأمريكا وتحديدا في نيويورك.. المبنى المكون من برجين  ويُخيل إلى  ماجد بأن كل ما يجري في العالم يطبخ هنا. وحيث يحدث تفجير البرجين بالطائرتين فيما يعرف بأحداث سبتمبر تكون المصادفة وجوده هناك فيتم اعتقاله وتوجيه تهمة الانتماء الى تنظيم القاعدة وهو الهارب من اعتقال النظام السابق لكن لحب ينتصر.
تكونت في رواية السقشخي من انتقالات موفقة من الروائي بين حياته الآنية مع زينب اللبنانية المهاجرة ايضا الى امريكا وانتقاله إلى أمريكا بعد لقائهما، وذكرياته الماضية التي لم تخلو من ذكر الأم والأب والأصدقاء والإخوة بالأخص أخوه الأكبر وخاله يونس الذي بدا تأثير كبير في شخصية البطل  بمعنى ان التفاصيل العديدة أعطت للسرد رصانته والتشويق الذي يدفع بالقارئ إلى الاستمرار في القراءة ليعرف ما الذي سيحصل بعد أن يطوي هذه الصفحة التي يقرأها.
ان الحب في الرواية لا يعرف المواسم ولا يعرف الانتظار و كانت قرارات البطلة واقعية.. ومناقشتها تنم عن فهم عميق وكما تم ذكره من خلال كثير من حواراتهما وكانت هي تتنبأ وتستشعر الحدث الآتي.. أو لنقل الخطر الذي أحاط بماجد.. كن لروية تظهر تلك العلاقات ببساطة شديدة وإظهار منها تعجبا كبير حتى ماجد نفسه.. ألا أن الجواب كان سهلاً.. بأن اللوعات بمرها وثكناتها الملتوية  قد عاشتها هي وشعبها اللبناني وكأنه سيناريو معاد في العراق.. 
لقد وفق الروائي في تمثيله للشخصيات وفي جعل ماجد وزينب ندا لبعضهما في الحب والفهم والصمود وفي اندلاع المصائب وتخطيها، لذلك ونحن نقرأ سنظن لوهلة بأنهما ثنائي خيالي لا يتكرران ألّا كل مئة رواية كانت الفصول التي تذكر فيها حضور زينب كالجوري الأحمر في وسط صحراء لاهبة من طقوس غريبة عليه وما جرى له اثناء التحقيقات ليقر ويعترف بما لم يفعل.
ان الرواية  تحمل رسالة صادقة بأن الطغاة وان تبدلت أثوابهم فهم  سيصلون بنا إلى حافة واحدة وانهيار لقيم الانسان، وأن البلد الذي لا يمتلك فيه حرية الكلمة فيس هناك أحد بمأمن حتى بامتلاك حياته.. كما أعلن ماجد في أننا نعيش في زمن الخوف ليسحب معتقلا لغرض تحقيق طويل ومتشعب وجهت له تهم لا تعد بسبب هذه الكلمة... انه ينقل لنا زمن الخوف.. كنه وهذا الشيء الغريب انه يحمل المدينة في ذاكرته وانها بقيت في قلبه مدينة الضوء  واتي يقصد به ( سوق الشيوخ) 
ان اروية محمنة بعشق للمدينة والجذور وكانه يقول يجوز للرجل أن يعشق مع الأم مدينته  بل وأكثر فذاك العشق مكنه من ترجمة ما بين نصائح زينب من جهة وما أراده الاحتلال الأمريكي من تلك المدينة التي سكنت في روحه.. مما جعل وجود منعطفان يعدان الأكثر وجعاً  من الكثير الذي تناولته الرواية من سلسلة من التوثيقات والإحداث  التي عاشها العراقي ما بين ملايين العراقيين  من قبل والان ولا أحد يعلم بما يخبئ لنا المستقبل. إن أول  المعطفين هو أن والدته توفت ولم يرها قبيل وفاتها ولو نظرة و وداع وثانيهما عودته إلى العراق وطريقه من مطار بغداد إلى سوق الشيوخ فقد بدا وكأنه طريق موحش وطويل ولم يخلو من المفاجآت.. ان رواية السقشخي  رحلة رجل نحو الأمان تضمنت الصدق وعدم المحاباة والتحيز لجهة فقد كانت تعرية بصراحة لاذعة وغياب للمجاملة وكسب خاطر او تبرئة جهة أو مدح وكأنها صفعة لكل من أربك رفاهية العراقي  لذا كان يمازح الشمس في بلاده ويغالب الوجود ويكمل مسلة التكوين،  حيث بدا التاريخ من مدينته ولكن رسالة الروائي كانت على لسان ماجد “  أن الاستقرار لا يشبه الأناشيد) لتكون النهاية مفتوحة.


تابعنا على
تصميم وتطوير