رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
الانتهاكات المتكررة توسّع الهوّة بين الشارع وعناصر الأمن ..تجاوزات للشرطة تختبر عملية إصلاح المنظومة الأمنية في تونس


المشاهدات 1082
تاريخ الإضافة 2021/06/13 - 8:20 PM
آخر تحديث 2024/03/14 - 9:34 AM

تونس/متابعة الزوراء:
 تختبر انتهاكات الشرطة المتكررة بحق المحتجين وغيرهم عملية إصلاح المنظومة الأمنية في تونس، وفيما يقول الخبراء إن عملية الإصلاح صعبة في ظل التجاذبات السياسية المستمرة، تستمر الانتقادات الحقوقية لوجود انتهاكات واسعة النطاق في مراكز الإيقاف، من بينها الضرب والتعذيب والتحرش الجنسي، ما من شأنه أن يزيد حالة الاحتقان ويعمق الهوة بين الشارع وأجهزة الأمن.
وفتحت السلطات التونسية تحقيقا في حادث صادم هز الشارع، حيث يظهر في فيديو تم تداوله على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي شابا مجردا من ثيابه يتعرض للتعنيف من قبل أفراد الشرطة، ما أعاد إلى الواجهة السجالات بين ناشطين حقوقيين وسياسيين وقيادات أمنية في البلد الذي يرزح تحت وطأة أزمات سياسية واقتصادية حادة.
وأثار الفيديو غضبا في الشارع التونسي وانتقادات من منظمات حقوقية ضد انتهاكات متكررة للأمن على مدار الأشهر الماضية تجاه محتجين في الشوارع.
واشتبك محتجون من الشباب مع قوات الأمن بحي سيدي حسين الشعبي قرب العاصمة بعد انتشار مقطع فيديو على مواقع التواصل يبين تعمد عناصر أمنية نزع سروال شاب وتعنيفه وسحله.
وفي الوقت الذي سارعت فيه منظمات نقابية وأحزاب وجمعيات حقوقية إلى تحميل رئيس الحكومة هشام المشيشي الذي يشغل بالنيابة منصب وزير الداخلية المسؤولية، تبرأت الوزارة من تلك الممارسات، حيث قال الناطق الرسمي باسم الوزارة خالد الحيوني إن “الأخطاء الفردية للأمنيين لا تعكس التوجهات العامة في إصلاح المنظومة للوزارة”.
وبعد ارتباك تجلى بوضوح في بيان أولي للوزارة تقول فيه إن الشاب المعني بالحادثة (15 عاما) كان في حالة سكر وهو من نزع ثيابه أكد الناطق باسم الداخلية أن “البيان الأولي الذي تم إصداره جاء في محاولة لإنارة الرأي العام، لكن تم تحيينه بعد ذلك”.
وقال الحيوني إنه “تم إيقاف المعنيين بالأمر عن العمل وتم اتخاذ إجراءات ضدهم، وهذه الإجراءات في حد ذاتها رفض للأخطاء”.
لكن هذه التبريرات لم تجد صداها في الأوساط التونسية، حيث طالبت العديد من المنظمات والنقابات باستقالة المشيشي وهو أيضا وزير داخلية بالنيابة، ودعوات الاستقالة هي مطلب قديم جديد تحول التوازنات السياسية في البرلمان دون تحقيقه، حيث لا تزال الأحزاب التي تقود الحزام الداعم للمشيشي في دعمها له.
واعتبر منتدى تونس للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن استقالة المشيشي أولوية، مشيرا إلى أن ذلك يعود إلى “حجم الخسائر التي تكبدتها البلاد منذ مباشرته مهامه”.
وبدوره دعا البرلمان إلى فتح تحقيق في الحادثة وتحميل المسؤوليات قائلا في بيان إنه “تبعا لما تداولته عدد من مواقع التواصل الاجتماعي من صور مروّعة وشنيعة وغريبة على ثقافة المجتمع التونسي، تبرز تواجد مجموعة من رجال الأمن الوطني بصدد التعامل بعنف مع مدني، ملقى على الأرض وعار تماما، في ممارسة معزولة ومنافية تماما للقيم والأخلاق ولممارسات أمننا الجمهوري، فإننا ندعو إلى توفير الحماية الجسدية والقانونية والرعاية الطبية والنفسية لهذا المواطن، ولفتح تحقيق جدّي في ملابسات هذه الحادثة الشنيعة، وتحديد المسؤوليات ومحاسبة كل من يثبت تورّطه”.
وبدا واضحا وكأن تونس التي شهدت انتفاضة شعبية أطاحت بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي في 2011، لم تنجح بعد في ترميم علاقة الأمنيين بالمواطن في سياق ما أُطلق عليه طيلة العقد الماضي بعملية إصلاح المنظومة الأمنية.
ومنذ فترة فُتحت نقاشات صاخبة في البلاد بعد موجة اعتقالات إثر الاحتجاجات الشعبية التي عرفتها في منتصف يناير الماضي، وهو ما أعده البعض ارتدادا على المكاسب التي نجح التونسيون في انتزاعها بعد انتفاضة يناير.
غير أن مثل هذه الحوادث المتكررة تسلط الضوء على نجاعة الجهود التي تقول السلطات إنها قادتها من أجل إصلاح المنظومة الأمنية بهدف استعادة الثقة بين المواطن وعناصر الأمن.
وأكد الخبير الأمني علي زرمديني أن “القائمين على إصلاح المنظومة الأمنية اتبعوا منهجا خاطئا، باعتبار أنهم اهتموا بالشكل وأهملوا المضمون، حيث هناك ترويج إلى أن هناك أمنا جمهوريا لكن لا شيء يثبت ذلك بل العكس لأن عملية إصلاح المنظومة الأمنية تقتضي أولا جهدا حقيقيا، لا محاولة لإقحام وزارة الداخلية في التجاذبات السياسية وهذا ما حصل منذ الانتفاضة”.
ويتابع زرمديني ، محملا الطبقة السياسية المسؤولية أن “الأمن عقيدة وهؤلاء الساسة حاولوا ضرب هذه العقيدة، وهم من زرع وحصد اليوم، لأنه قبل 14 يناير رغم وجود تجاوزات لا يخفيها وينفيها أحد إلا أنها كانت محدودة وفي إطار معين وكانت هناك رقابة داخلية، لأنه كانت هناك مقومات الدولة التي تتابع، اليوم تم تقويض ذلك من خلال ما ارتكبه السياسيون بحق المؤسسة الأمنية لذلك نرى هذه التجاوزات الفردية”.
وأضاف الخبير التونسي أن “هؤلاء الساسة ارتكبوا جرائم كثيرة في حق المؤسسة بما يشمل الإقالات العشوائية أو تغيير الرتب والترقيات أو إعادة الإدماج أو التكوين أو غيره، باختصار الوزارة تحولت إلى مرتع يريد هؤلاء الساسة اللعب فيه ما أفضى إلى التسيب الذي نعيشه الآن وهو ما يقوض جهود إصلاح المنظومة”.
وتأتي هذه التطورات في وقت تُراهن فيه تونس التي تشهد حالة طوارئ مستمر منذ العام 2015، على المؤسسة الأمنية وتماسكها من أجل القضاء على بقية الجماعات المتطرفة التي تشن من وقت إلى آخر هجمات إرهابية.
وشكلت وزارة الداخلية منذ اندلاع ثورة يناير محط أنظار الأطراف السياسية الفاعلة التي أرادت بطريقة أو بأخرى إخضاع الوزارة لسيطرتها وهو ما بدا جليا أكثر مؤخرا عندما نشبت خلافات بين رئيس الحكومة والرئيس قيس سعيد حول قيادة هذه الوزارة.
 


تابعنا على
تصميم وتطوير