رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
حرب إسرائيلية لإسكات الصوت الفلسطيني ..إعتقال الصحفية منى الكرد وإصدار مذكّرة استدعاء بحق شقيقها محمد


المشاهدات 1286
تاريخ الإضافة 2021/06/07 - 6:44 PM
آخر تحديث 2024/03/28 - 5:31 AM

رام الله/متابعة الزوراء:
عام 2011، نشرت صحيفة «ذا غارديان» مقطع فيديو صوّره الطفلان حينها، منى ومحمد الكرد. شقيقان توأمان من حيّ الشيخ جرّاح في القدس المحتلة، يصوّران ويحكيان، وهما في عمر الـ12 عاماً فقط، كيف استولى المستوطنون على جزءٍ من منزلهما، ويرويان خلال ذلك قضيّة شعبٍ بأكمله، ويحثّان على عدم الجبن في مقاومة الاحتلال. قبل أشهر، انتشر مقطع فيديو يظهر المستوطن الإسرائيلي يعقوب الذي يحتلّ جزءاً من منزل عائلة الكرد في حي الشيخ جراح، بينما تواجهه منى وتقول له «أنت تسرق بيتي»، فيما يردّ هو قائلاً «إن لم أسرقه فسيسرقه أحد آخر»، في اعتراف واضح منه بعدم أحقيته في المنزل واحتلاله. كان ذلك الفيديو أحد المقاطع التي ساهمت في حشد الرأي العام العالمي إلى جانب الحي، ورفض تهجير أهله.
بعد 10 أعوام على فيديو الصحيفة البريطانية، أصبحت منى الكرد ناشطة وإعلاميّة مقدسيّة معروفة، فيما أصبح أخوها محمد كاتباً، وبات الاثنان صوتاً مرفوعاً وعالياً في وجه ممارسات الاحتلال الممنهجة بحقّ الفلسطينيين في سلبهم بيوتهم وأرضهم واحتلالها، عبر قضيّة حي الشيخ جراح. أغضب ذلك الاحتلال الذي يحاول بكلّ قوّته إسكاتهما، ومعهما كلّ الفلسطينيين، بهدف إبادة الرواية الفلسطينية، بعدما أخذت حيّزاً واسعاً من الاهتمام العالمي. فيوم اول أمس الأحد، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي منى الكرد (23 عاما) من منزلها في حي الشيخ جرّاح، وسلّمت العائلة مذكّرة استدعاء بحق شقيقها محمد، الذي ذهب إلى التحقيق في مركز شرطة الاحتلال في شارع صلاح الدين في مدينة القدس، قبل أن يفرج عنهما مساءً.
أثار الاعتقال غضباً واسعاً، عربياً وعالمياً؛ وسط تأكيداتٍ بأنّ كلّ ذلك يأتي في إطار محاولات الاحتلال إسكات أهالي حيّ الشيخ جراح، الناشطين منهم، والمتضامنين معهم، والصحفيين الذين يغطون القضية، في محاولةٍ للتعتيم على جرائمه التي توثّق بكاميرات هؤلاء، وتنتشر حول العالم لتُثبت زيف ادّعاءات الاحتلال والحجج التي يستخدمها ليُبرر تطهير الفلسطينيين عرقياً.
في حديثه من أمام مركز الشرطة، قال نبيل الكرد، وهو مسنّ فلسطيني مهدد بالتهجير من منزله، إنّ اعتقال ابنته منى واستجواب ابنه محمد «يأتي في إطار محاولات الاحتلال إسكات كلّ الأصوات في القدس، لكنّ الأصوات ستبقى مرتفعة». واعتبر رئيس لجنة أهالي حي الشيخ جراح، يعقوب عرفة، أن اعتقال منى الكرد هو تصعيد جديد يستهدف أهالي حي الشيخ جراح، المهدد أصحابه بالتهجير القسري لصالح المستوطنين، حيث بدأ الاحتلال حملة لاعتقال الناشطين وأهالي الحي بتهم التحريض.
ويخوض أهالي حي الشيخ جراح منذ أربعة عقود صراعاً قانونياً لمنع سيطرة المستوطنين على منازلهم، وتصاعدت تلك الأزمة في الآونة الأخيرة، وسط تضامن مع أهالي الحي المهدد أصحابه بالتهجير. يشهد حي الشيخ جراح، منذ نحو شهرين، احتجاجات يومية على خلفية التهديد بتهجير عائلات فلسطينية من منازلها لصالح الجمعيات الاستيطانية. ويعاني أهالي حي الشيخ جراح منذ أسابيع من حصار مشدد عليهم، ومحاولات الناشطين لفك ذلك الحصار، بعدما أغلقت قوات الاحتلال مدخل الحي الرئيسي بالمكعبات الإسمنتية. لكنّ التضامن العالمي مع حي الشيخ جرّاح وتدويل القضية كان بجهود من منى الكرد وشقيقها محمد، وعدد من الناشطين الذين أطلقوا وسم «#أنقذوا_حي_الشيخ_جراح» بالعربية والإنكليزية، واستخدموا حساباتهم لنشر وتوثيق الانتهاكات الإسرائيلية اليومية بحقّهم، ما أثار تضامناً واسعاً، خصوصاً أنّ كل الانتهاكات كانت تحصل لفلسطينيين عزّل في منازلهم وبوضوح في مقاطع الفيديو.
درست منى الكرد الإعلام في جامعة بيرزيت، وباتت مراسلةً ميدانية في ظلّ الظروف الحالية، فهي من تكتب البيانات وتنشرها وتختار الصورة والشعار والحملة والعنوان، ولها جهد كبير في نشر الوعي ورفعه لهذه القضية. فعبر حسابها على «إنستغرام» الذي زاد متابعوه على المليون، تنقل الشابة منى الكرد ما يحصل في حيّ الشيخ جراح، لحظةً بلحظة. فلسطينيون يغنّون ويهتفون ويحتجّون رفضاً لتهجيرهم من بيوتهم، فيُقمعون بالضرب والاعتقال والمياه العادمة ويُضيّق الاحتلال عليهم، فيما يسرح المستوطنون ويمرحون. وفي وسط ذلك، يعلو صوت منى عالياً، في وجه جنود الاحتلال ومستوطنيه، فتقول لهم «انخرسوا» و»ارجعوا إلى حيث أتيتم»، و»هذا بيتي وهذا شارعي وهذه أرضي ولن أرحل»، مع غيرها من العبارات التي كانت سبباً رئيساً في تجمهر الناشطين والمتابعين من العالم حول منى، وترديد اسمها في مواقع التواصل كـ»أيقونة حريّة»، و»زيتونة فلسطينية». وفي آخر بثّ مباشر لها، قالت منى للمتابعين: «النصر قريب بس لازم نستمر».
من جانبه، يكرّس محمد الكرد تدويناته عبر موقع «تويتر» للقضية وللتوعية بها، حيث يكتب باللغة الإنكليزيّة ليفضح الاحتلال، ومدّعي الإنسانيّة حول العالم الذين يقفون عند فلسطين فلا يشملونها في مطالباتهم بالحقوق والحريّة. عُرف محمد بإطلالاته على القنوات الأميركية والغربية، حيث تحدى المذيعين الذين بطّنوا أسئلتهم ليجعلوه في موقع المتهم بدلاً من موقع المدافع عن بيته. كما عُرف بنباهته في دحض مزاعم الاحتلال ومؤيديه ورواياتهم التي تدعم التطهير العرقي للفلسطينيين وتهجيرهم من منازلهم.
ويستهدف الاحتلال الإسرائيلي كلّ صوت في حيّ الشيخ جراح، فلا يكتفي باعتقال الناشطين والمتضامنين مع الحيّ وأهله، إنما يعتقل الصحفيين ويعتدي عليهم ويحاول منعهم من التغطية التي أثّرت في الرأي العام العالمي، بعدما كانت ماكينة الاحتلال تسيطر على الرواية فيه. ويؤكد صحفيون مقدسيون تعرّض العديد منهم خلال تغطية الأحداث في القدس لاعتداءات ممنهجة بالضرب وإطلاق الرصاص عليهم، كما طالت هذه الاعتداءات الصحفيين والمسعفين العرب، في حين لم يعترف جنود الاحتلال ببطاقة الصحافة الصادرة عن نقابة الصحفيين الفلسطينيين أو بطاقات الصحافة الدولية.خلال مؤتمر صحفي وحشد تضامني مع منى الكرد، قمعت قوات الاحتلال جموع المواطنين الفلسطينيين المحتشدين بالقرب من مركز شرطة الاحتلال في شارع صلاح الدين بالقدس المحتلة، ما أوقع العديد من الإصابات بشظايا قنابل الغاز والصوت والرصاص المطاطي. واستهدفت قوات الاحتلال مرة أخرى طواقم الصحفيين، إذ أصيبت مراسلة «الجزيرة» نجوان سمري باستهداف مقصود؛ إضافة إلى استهداف طاقم «تلفزيون فلسطين» والعديد من المواطنين.
ليل السبت الماضي، اعتقلت قوات الاحتلال الإعلامية جيفارا البديري، مراسلة قناة «الجزيرة»، لساعات في مركز شرطة صلاح الدين في القدس المحتلة، واعتُدي عليها بالضرب خلال اقتيادها إلى داخل سيارة دورية عسكرية، قبل إطلاق سراحها، شرط الإبعاد عن كامل حيّ الشيخ جراح في القدس المحتلة لمدة 15 يوماً. وأشارت البديري في حديثها لوسائل الإعلام بعد إطلاق سراحها إلى أنّ التحقيق معها استمر أكثر من ثلاث ساعات، فقد وُجهت إليها تهمة «الاعتداء» على مجندة إسرائيلية، وهو ما دُحض من خلال مقاطع فيديو أظهرت مجندات وجنوداً وهم يعتدون عليها من دون مبرر.وأدانت شبكة «الجزيرة» اعتقال قوات الاحتلال الإسرائيلية البديري، عقب الاعتداء عليها. وأوضحت أنّ الاعتقال يأتي بعد أسبوعين من قصف (إسرائيل) برج الجلاء بغزة الذي يضم مكاتب الجزيرة. من جهته، قال مدير مكتب «الجزيرة» في القدس، وليد العمري، إن جيفارا أصيبت بكسر في ذراعها. وأضاف، لوكالة «أسوشييتد برس»: «إنهم يهاجمون الصحفيين في القدس الشرقية، لأنهم لا يريدونهم أن يستمروا في تغطية ما يحدث داخل الشيخ جراح». 
وهذه ليست المرة الأولى التي تعتقل فيها قوات الاحتلال صحفيين يشاركون في تغطية الاعتصامات في حيّ الشيخ جراح، حيث اعتقلت قبل نحو 10 أيام الصحفيين زينة الحلواني ووهبي مكية لخمسة أيام. وفي 31 مايو/أيار الماضي، أطلقت سراحهما، شرط الحبس المنزلي لخمسة أيام، والإبعاد عن حيّ الشيخ جراح في القدس لمدة شهر، ودفع كفالة مالية مقدارها ألفا شيكل (نحو 600 دولار).
 


تابعنا على
تصميم وتطوير