جريدة الزوراء العراقية

إنْ .. تخابات


    ـ « … قبل سنوات ، حرصَ العَم علاوي على النهوض مُبّكِراً ، وتوّجهَ الى مركز الاقتراع في الثامنة والنصف صباحاً ، كي يُدلي بصوته في الانتخابات . فوجدَ بضعة أنفارٍ سبقوه الى الحضور ، فتمعنَ في وجوه النساء مَلِياً . وضع إشارات على ورقة التصويت ، كيفما اتفق ، فلم يكُن في الواقع مُهتماً كثيراً بِمَنْ سيفوز أو مَنْ سيخسر ، فقد باتَ يدرك أن جُلّهُم من نفس الطينة البائسة . وضع ورقته في الصندوق . ثم سألَ المسؤول عن القاعة :
    لُطفاً ياولدي .. أريد أن أتأكَد هل أن زوجتي أدلتْ بصوتها أم لا ؟ أجابهُ المسؤول مُبتسِماً : ولماذا لا تسألها أنتَ بنفسك ياحاج ؟ أم تَراكما زعلانَين من بعض ولا تتحدثان معاً هه هه هه ، ثم سألهُ عن الاسم الثلاثي لزوجته ، كتبه على ورقة وتوجهَ الى أحد المناضِد وقَلبَ صفحات أحد السجلات ثم عاد بعد دقائق قائلاً : نعم أيها الحاج ، يبدو أنها أشطر منك ، فلقد سبقَتْك الى التصويت .
    قالَ العَم علاوي وعلامات الاكتئاب بادية عليهِ : يابُنَي … زوجتي ماتتْ منذ 15 سنة ، لكنها تحضر كُل أربع سنوات وتُدلي بصوتها ثم تعود . وحضرتُ اليوم مُبكِراً عّلني أجدها هنا ، فلقد اشتقت إليها ! . على أية حال .. مع السلامة « .!
    مسكينٌ العَم علاوي حقاً … فلقد أضعَفَتْهُ سنين العمر الطويلة وأرهقَتْهُ الوحدة والشَوق … فلقد أخبروهُ مُتيقنين أن المرحومة زوجته ، قد شاركتْ في الانتخابات الأولى والثانية أيضاً وها هي قد سبقَتْه في الانتخابات الحالية أيضاً … لكن ما الفائدة ، يبدو أن الأموات يُغادرون بِمُجَرَد انتهائهم من التصويت ولا يبقون هناك . قبل أن يغادِر أخبره أحد العاملين في المركز : أيها العَم علاوي … لا تتعب نفسك … ان تصويت زوجتك وأمثالها ، يجري في الساعة السادسة صباحاً ، أي قبل فتح باب المركز بساعةٍ كاملة .. ولهذا لم تُصادفها ! .
    العَم علاوي ، قّرَرَ أن لا يشترك في الانتخابات القادمة ، لأنهُ يأسَ تماماً من ملاقاة المرحومة التي تحضرُ باكراً وتُغادر سريعاً ... إذ كما يبدو ان التعليمات الصارمة لا تسمح لها للبقاء الى حين فتح باب المركز .
    ……………..
    2 ـ حينَ ذهابه لاستخراج البطاقة الوطنية الموّحَدة ، كان أحد الأسئلة التي سألوها لشيرزاد : هل والدك ووالدتك عائشان أم متوفيان ؟ إجابَ مُستغرِباً : أنهما متوفيان منذ زمنٍ بعيد ، فوالدي متوفٍ منذ أكثر من خمسين سنة ووالدتي منذ اربعين سنة . قال الموظَف : لكن السجلات عندنا تقول أنهما لايزالان على قيد الحياة .. فكما يبدو أنك لم تُراجع كي « تُميتهما « رسمياً ! . قال : وما العمل الآن ؟ أجاب : هذه تحتاج معاملة طويلة … أنصحك ان تترك الأمر على حاله .. استخرج بطاقتك ، ثم عالج الموضوع في وقتٍ آخَر . فاستمع الى نصيحته .
    ومنذ ذلك الوقت ، فأن المرحومَين والديه ، يقومان بواجب الانتخاب كل أربع سنين حسب الأصول ! .
 


المشاهدات 1547
تاريخ الإضافة 2021/05/18 - 8:59 PM
آخر تحديث 2024/04/19 - 9:35 AM

طباعة
www.AlzawraaPaper.com