رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
مرافئ ذاكرتي


المشاهدات 1208
تاريخ الإضافة 2021/05/10 - 4:52 PM
آخر تحديث 2024/03/20 - 1:58 PM

حيدر الهاشمي
وقف إلى جانبي، وضع يده على كتفي، عامل النظافة، كان علي أن أشتري له قطعة من الهمبر كر، لكني تقاسمتها معه، لأني لا املك المزيد من النقود،  أنفقت راتبي على المسكن وعلى فواتير الكهرباء وعلاج السكري، كان ظريفا معي صاحب الكافتريا، الذي أتردد عليه باستمرار،  رغم أني أكبر منه بأربعة أو خمسة عقود على ما اعتقد، كان صاحب طرفة، كلما اجتازت قدمي عتبة الباب، نادى خلفي، متى سينهض الوطن، يا لها من امنية عظيمة، مضى عشرين عاماً و أنا أتردد على عملي السابق،( المكتبة) اتفقدها كل يوم، كنت اسقي الأزهار و أمسح الغبار عن الرفوف والكتب، و على صوت فيروز استقبل زواري، أشعر بفرح لا يوصف وتنتابني سعادة غامره، حين يتوافد علي القراء من كل حدب وصوب، اجلس لوحدي، اصنع بيدي قهوتي السادة، عندما يتفرق الجميع، أتحدث مع تولستوي وانطوان تشيخوف والبير كامو، بكل سهولة، وعندما اغادر المكان، أشعر بضيق في صدري، هي ليست مكتبة وحسب، بالنسبة إلي، هي عائلتي التي انتمي إليها، اليوم وقد تحول المكان إلى مستودع للأحذية الفاخرة، صرت أخشى الاقتراب من المبنى، يلاحقني الحراس كلما رآني منهم أحد، يرمونني بالحجارة و اخر يصفني بالجنون، لا ادري هل أنا جننت فعلا؟ 
لا.. ما زلت اسمع اصوات رفاقي وقهقهاتهم، تتسرب من شقوق الجدران والشبابيك، اتذكر كيف كان احدهم يهرب من الدرس وتحت معطفه قنينة شراب من النوع الرديء،  والاخر يخفي بجوربه علبة السجائر التي كان يسرقها من جدته،  اما الآخر كان يدخن الحشيشة في التواليت، لقد رحلوا بظروف غامضة، رحلوا الواحد بعد الآخر، أنا الآن اقف وحيداً هنا، احسب تجاعيد وجهي و شظايا السنين،  وبجواري شجرة الكالبتوز القديمة،  وعلى رأسها مجموعة من الطيور والحمام، كلما انت واحدة منها، فاضت عيني بالدموع. 
 


تابعنا على
تصميم وتطوير