لا غرو في ان اليهود ببغداد كانوا يشكلون نسبة الربع من سكان مدينة بغداد في القرن التاسع عشر، ولم يكن دورهم مقتصراً على التجارة والمال فقط كما يتصور البعض بل تميز دورهم في الحياة الموسيقية البغدادية، وخاصة في المقامات والبستات البغدادية والچالغي البغدادي، اي الفرقة الموسيقية الخاصة بالمقام والبستة البغدادية منذ عهد طويل، بالاضافة الى المغنين الدينيين اليهود والذين يسمون (بالحزانين) الذين أجادوا المقام، منهم على سبيل المثال البغداديان الحزان شمعون معلم والحزان شلومو، كذلك كان هنالك من اجاد العزف على الالات الموسيقية الخاصه بالمقام، إذ احتكر يهود بغداد الچالغي البغدادي حتى انه يمكن القول انه لا يعرف موسيقى للمقام والبسته البغدادية والچالغي البغدادي من غير يهود بغداد، إذ ما زالت اسماؤهم تتكرر عند ذكر الچالغي البغدادي، وهي الفرقة الموسيقية للمقام والبسته البغدادية، فلا يمكن نسيان آلة السنطور لليهودي بتو حوكي صالح رحمين وآلة الجوزه لليهودي بصون افرايم شاؤول، وآلة (الدنبك) لزنگي شاؤول هارون وآلة الدف لزنگي شمعون حسقيل.. وإذا توزع مطرب المقام والبسته البغدادية على السنوات فأننا سنذكر من اجاد منهم المقام والبسته البغدادية والعزف على الالات الموسيقية الخاصة بالچالغي البغدادي في النصف الاول من القرن التاسع عشر، اي من سنة ١٨٠٠م الى سنة ١٨٥٠م، وفي تلك الحقبة نجد من مقريء المقام ومؤدي البسته البغدادية والچالغي البغداديين اليهود اسرائيل بن المعلم ساسون بن روبين المولود في بغداد سنة ١٨٤٢محلة ( أبو دو دو) وهي من محلات الجزء الشرقي من بغداد والمتوفي سنة ١٨٩٩ الذي أخذ المقام من شيخ شيوخ اهل المقام في بغداد ( شلتاغ) وكان اسرائيل من الطبقه المتقدمة بين مغني المقام في بغداد، وقد اخذ منه جماعة من رجال المقام منهم حسين المدرس ويوسف حييم القندرچي وقدوري القندرچي.. ومنهم حسقيل بن الياهو بن شاهين المولود سنة ١٨٠٣ الذي أخذ المقام من الملا حسن البابوچي وكان من مشاهير المغنيين، ومنهم حسقيل بن شمولي بن عزرا المولود ببغداد سنة ١٨٠٤.
ومن اهل المقام من اليهود البغداديين ايضاً هارون زنگي بن روبين بن بقچي بن زنگي المولود ببغداد سنة ١٨٤٥ من سكنة محلة (ابو دو دو) في رصافة بغداد، وكان من البارعين في الضرب على (الدنبك) الذي يشكل عنصراً من الچالغي البغدادي الذي يرافق مقريء المقام والبسته البغدادية، حيث عمل هارون مع چالغي حسقيل بن شمولي وشميل بن صالح وغيرهما من اجواق الچالغي البغدادي المعروفة ببغداد في تلك الفترة، وقد أخذ منه شاؤول زنكي، وتعلم صناعة الايقاع على الدنبك منه.