رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
رواية زوربا اليوناني... لعبة الانتصار على الحزن


المشاهدات 1240
تاريخ الإضافة 2021/05/03 - 4:00 PM
آخر تحديث 2024/03/25 - 10:32 PM

اعداد / معتز عبد الرحيم
زوربا اليوناني هي رواية للكاتب نيكوس كازانتزاكيس. تدور أحداثها عن قصة رجل مثقف، اسمه باسيل، غارق في الكتب يلتقي مصادفة برجل أميّ مدرسته الوحيدة هي الحياة وتجاربه فيها. سرعان ما تنشأ صداقة بين الرجلين ويتعلم فيها المثقف باسيل الذي ورث مالا من أبيه الكثير من زوربا عن الحياة وعن حبها وفن عيشها. أنتجت هوليوود فيلما شهيرا أيضا مقتسبا من الرواية يحمل نفس العنوان وقام ببطولته الممثل «أنتوني كوين وحقق الفيلم شهرة كبيرة.
نيكوس كازنتزاكي كاتب وفيلسوف يوناني الجنسية ولد في (18 – February – 1882 AD) ومات في (26 – October – 1957  اشتهر (نيكوس) بروايته (زوربا اليوناني) حيث تعتبر هذه الرواية من أبدع ما ألفه في حياته من روايات .
الكتابة عند (نيكوس كازنتزاكيس)  تمتلك قدرًا كبيرًا من الجاذبية الشديدة بأفكارها، تتكل على اللحظة التي استسلم القارئ فيها، بحيث يحلق مع بخار معناها الذي تسمو بالأرواح إلى عوالم سامية.
قال الكاتب الكبير (البير كامو (Albert Camus عند فوزه (بجائزة نوبل (Nobel Prize للأدب وذلك في العام (1957 AD) ولم يفز بها (نيكوس كازنتزاكيس) حينها، قال (البير كامو): “إن كازنتزاكيس يستحق الجائزة أكثر مني بمائة مرة”.
ومما لا شك فيه أن كلامًا من هذا القبيل وعلى لسان الكاتب الكبير (البير كامو) يغني عن التعريف بالكاتب (كازانتزاكيس). وعند وفاة (كازنتزاكيس) كتب على قبره العبارة التالية: “لا أطمع في شيء، ولا أخاف شيئًا، أنا حر الآن”.
وفي العام (1988 AD) قامت الحكومة اليونانية بتكريمه بأن أصدرت طابعًا بريديًا يحمل صورته، وفي الذكرى الخمسين لوفاته قام مصرف اليونان الرسمي بإصدار عملة معدنية من فئة 10) EUR) العشرة يورو تحمل رسمًا للكاتب (كزانتزاكيس) على أحد الوجوه وعلى الوجه الآخر توقيعه.
محور رواية “زوربا” يدور حول شخصيتين من عالمين مختلفين: الأولى شخصية “باسيل” راوي الحكاية، وهو كاتب إنكليزي نصفه يوناني، يرث منجماً للفحم الحجري في جزيرة كريت اليونانية. والشخصية الثانية هو زوربا، العامل العجوز البسيط الذي يبحث عن عمل. يقرر باسيل أن يغير نمط حياته، فيسافر الى كريت ليتعرّف إلى أملاكه ويفتتح المنجم القديم. وإذ به يقوم برحلة يكتشف فيها ذاته ويتحرر من أوهامه الشخصية وذلك على يد زروبا، ويجري ذلك بالحوار بينهما تارة وبالشجار تارة. باسيل القادم من مجتمع مرموق ونخبوي، سيتعرّف خلال محاولته استثمار المنجم على مجتمع مغاير لما ألفه، مجتمع تحكمه تقاليد صارمة، تصل حد القسوة، ومن جهة أخرى هو مجتمع قريب من الطبيعة بل يكاد يندمج معها. في وسط هذه البيئة الجديدة سيقف باسيل مندهشاً أمام فلسفة زوربا في الحياة وخبرته العميقة التي اكتسبها من خلال رحلاته المتعددة في اليونان ومقدونيا وروسيا وغيرها. ويجد باسيل أن الكتب الكثيرة التي قرأها وكتبها لا تكفي لتفسير تفاصيل العلاقات الإنسانية والرغبات والتوجهات المختلفة، فيما ينجح زوربا ببساطته وتعلقه بمفردات الحياة والطبيعة أن يقدّم له الكثير من الإجابات والحلول.
زوربا هي شخصية حقيقية قابلها نيكوس في إحدى اسفاره، وقد اعجب به اعجابا شديدا، فكتب رواية باسمه. الملفت في رواية زوربا، هو قدرة نيكوس على وصف شخصية زوربا بشكل مطوّل ومفصّل وعميق، حتى انك تشعر لوهلة أن زوربا هو الشخص الأعظم في هذا الكون. المميز في زوربا هو انه يحب الحياة بكل أشكالها، لا يذكر الحزن، بل يذكر الفرح دائما. في لحظات حزنه الشديد، أو سعادته الشديدة، يرقص رقصته المشهورة، (رقصة زوربا).. في تلك الرقصة، يقفز إلى الأعلى لأمتار ويستغل كل ما هو حوله من بشر أو من أدوات وجمادات
يروي شخصية زوربا، شخص لقبه « الرئيس « وهو شخص يوناني يرغب في استثمار أمواله في مشروع ما، فيقنعه زوربا بأنه يستطيع استثمار أمواله في منجم للفحم، ولكن محاولات زوربا لصناعة مصعد ينقل الفحم من مكان لمكان، تبوء بالفشل، ولكن زوربا المفعم بالحياة لا ييأس يحتاج زوربا لأدوات من المدينة، فيأخذ كل أموال «الرئيس» ويذهب إلى المدينة، فيشعر بالتعب، يدخل إحدى الحانات، فتقترب منه «غانية» فيرفضها، فتشعره بانتقاص الرجولة، ولكن زوربا المفعم بالرجولة لا يقبل هذا التصرف، ويصرف كل امواله عليها، ويكتب رسالة إلى «الرئيس» أنه «دافع عن كل الرجولة في العالم».
زوربا شخص أمّي لا يعترف بالكتب، وبالمقابل «الرئيس» صديقه شخص مليء بالكتب، ولطالما سخر زوربا من تلك الكتب، يقول: كتبك تلك أبصق عليها، فليس كل ما هو موجود، موجود في كتبك. <ويتضح من الرواية، أن كليهما يمثلان قطبان للتناقض، ورغم ذلك التناقض فقد كان يجمعهما حب عميق وصداقة شفافة وصادقة. لقد جمعت بين هذين الشخصين المتناقضين فكرياً وعقائدياً وسلوكياً علاقة وشيجة قوامها لا المصلحة أو تبادل المنفعة بقدر ما هي علاقة تحكمها التكاملية فكل منهما رأى في الآخر مكملاً لنفسه، وكأن كلا منهما وجد في الآخر نصفه المفقود أو نصفه الذي يبحث عنه، وإن كان من الواضح أن قوة تأثر الراوي المتمثل بشخص الإنسان المثالي، كانت أكبر من قوة تأثر زوربا به.
يعشق زوربا الحرية ويصل به الأمر لأن يقطع إصبعه لأنه يعيقه في صنع الفخار.. يأخذ طريق الإشباع والامتلاء وتحقيق الرغبات للتحرر منها بدلًا من الزهد: “إن الإنسان يتحرر هكذا، أصغ جيدًا لما أقول لك، إنه يتحرر هكذا، بأن يشبع من كل شيء يخطر له، لا بأن يزهد فيه”. 


تابعنا على
تصميم وتطوير