جريدة الزوراء العراقية

الصحافة والشعور بالمسؤولية


الشعور بالمسؤولية عامل من أهم العوامل التي يجب ان تتوفر في الشخص المسؤول، الذي يعتمد عليه دون غيره في تحمله للمسؤولية المناطة له .
ان مفهوم المسؤولية لدى الانسان هو قدرته على تحمل نتائج أقواله وأفعاله التي يقوم بها، مع علمه المسبق بنتائجها، سواء كانت جيدة، أم سيئة.. وهي  شعور أخلاقي ايضا.
اذاً المسؤولية هي التزام الشخص بما يصدر عنه من قول، أو فعل. 
وتحمّل المسؤولية له فوائد كثيرة تنعكس على شخصية المسؤول، منها «اكتساب الاحترام الذاتي، والحصول على احترام الآخرين، من خلال عدم إلقاء اللوم، أو المسؤولية عليهم في الأمور التي يقوم بها، والحصول على المزيد من العمل والمهمات».
يقول الله سبحانه وتعالى :﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ﴾ .أما رسولنا الكريم محمد عليه الصلاة والسلام قال :( كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ).
فالمسؤولية هي التزام أمام الله أولاً، وأمام الاخرين مهما اختلفت مسمياتهم ثانيا. 
وللمسؤولية أنواع متعددة، منها «القانونية، والأخلاقية، والاجتماعية «.
أيها القارئ العزيز ..عندما ترى وتسمع ان مسؤولاً ما في دائرته يمتلك من الخبرة المهنية من خلال تدرجه الوظيفي، يدير العمل بشكل صحيح ومنضبط، ولا يتثاقل من الامانة والمسؤولية المناطة اليه، نتيجة لضغوط العمل أو الحياة، ويعرف كل ما يجري في أروقة عمله، ويضع الحلول الناجعة لأي مشكلة تواجهه.. اليس هذا شعوراً جميلاً؟
كما يجب على المسؤول أن يحسن الاختيار في أدوات عمله، ولاسيما المناصب الحساسة التي تمس أمن وسمعة البلد، أو تلك التي تكون في تماس مباشر مع المواطنين . 
وهنا أذكر موقفا في عهد نوري السعيد الذي شغل منصب رئاسة الوزراء في المملكة العراقية 14 مرة من 1930 إلى 1958.
 كان هناك حلّاق في العاصمة بغداد إعتاد نوري السعيد أن يحلق شعره عنده، ولدى الحلاق في محله نجله الذي يمسك المنشفة لنوري السعيد بعد إكمال الحلاقة ليمنحه إكرامية…
وبمرور الزمن جاء نوري السعيد ليحلق شعره عند ذلك الحلّاق، وكان الشاب يمسك المنشفة له، عندها قال الحلّاق لرئيس الوزراء: باشا هل علمت أن ولدي أكمل الدراسة الإعدادية.. هنّأه السعيد بذلك، ومدّ يده إلى جيبه ليعطيه إكرامية الحلاقة والنجاح، ولكن بادره الحلّاق يا باشا أريدك أن تتوسّط له وتقبله في الكلّية العسكرية ، عندها صمت نوري السعيد برهة، وقال للحلّاق أستطيع أن أقبله في أي كلّية يريد غير الكلّية العسكرية.. استغرب الحلّاق من ذلك وسأله لماذا؟
 أجابه السعيد ابنك تعلّم أن يستلم الإكرامية على مسك المنشفة.. حين يكون قائداً في الجيش كيف يتصرّف أمام المغريات.
في هذا الموقف استشعر نوري السعيد حجم الخطر الحقيقي الذي قد يحصل في تعييين ابن الحلاق في المؤسسة العسكرية، ولم يجامل الحلاق على حساب امن البلد وسمعته.
لذلك لابد ان يعرف كل مسؤول كيفية قيامه بأداء واجباته والقضايا المناطة له، وكيف من المفترض أن يظهر المسؤولون لدينا لحل كل القضايا التي تمرّ علينا بين الحين والآخر، وخاصة القضايا العاجلة التي تحتاج الى تدخل سريع من هؤلاء المسؤولين الذين وضعوا على رأس القيادة في مؤسساتهم.
إن صحافتنا اليومية ومؤسساتنا الاعلامية لا تخلو من رصد القضايا التي تمس حال المواطنين، وأغلب الاحيان تتصدر هموم المواطنين وشكواهم ابرز العناوين فيها.
وبعض المسؤولين يقومون بالاتصال بمن كتب أو تحدث في الاعلام، ويلومونه للجوئه الى الاعلام والصحافة.
لم يأتِ دور الصحافة والاعلام هذا من فراغ ، بل من الشعور بالمسؤولية اتجاه البلد والمواطن... فلا أحد يستطيع تكميم افواه الصحفيين والاعلامين في اي بلد .
اقول...غرور المسؤولية والمنصب قد يدمر المسؤول ومؤسسته في آن واحد ،وتواضعه وحنكته قد تجعله  مسؤولا وقائدًا استثنائياً وناجحاً.
نعم ..المسؤول وإن كانت كفاءته يشار لها بالبنان، ومتمكناً من عمله وتخصصه، فالعملية الإدارية وحسن الاختيار أكبر من ذلك كله.
كثيرة هي المواقف والمشاهد التي مرت علينا، وشاهدنا كيف تعامل معها مسؤولونا.. فهناك من قام بدوره ومهماته على أفضل وجه، وهناك من مرّ عليها مرور الكرام.


المشاهدات 1170
تاريخ الإضافة 2021/05/02 - 6:51 PM
آخر تحديث 2024/03/13 - 6:25 PM

طباعة
www.AlzawraaPaper.com