جريدة الزوراء العراقية

بين الطبكة والتنومة وجامعة البصرة


الذكريات صدى السنين والكتابة لدى العراقيين عن مدنهم تمثل حلاوة التاريخ وجمال المدينة ولعل البصرة احدى مدن العراق تمثل العراقة ومعنى الجمال, الامر الذي يجعل ابناءها من الكتاب والواصفين يصفونها بانها المدينة التي تضمن الكثير من تاريخ العراق وجمال مدنه وعاداته واصالة ابنائه. في مقال وصفي جميل لاجمل مناطق البصرة يذكر الكاتب جمال عابد فتاح حلاوة بعض مناطق مدينته انها ذات تاريخ رائع فهو يصف لنا االطبكة والتنومة وجامعة البصرة بتواريخها فيقول : كثيرا ما تستهويني الكتابة عن البصرة وعن شوارعها واسواقها وصناعاتها وناسها الطيبين, وقد كتبت عدة مواضيع عنها, فقد كتبت عن العشار, وشارع الوطني, وسوق المغايز, والاعدادية المركزية , وسوق الهرج, ودور السينما فيها والكثير من المواضيع التي تخص تراث البصرة, وقد رجعت بي الذاكرة الى الوراء وانا اتذكر الطبكة, تلك العبارة التي كانت تنقل الناس من العشار الى التنومة وبالعكس, وكانت من اجمل الاشياء في البصرة ,عندما تمشي في شارع الكورنيش وتمر على كازينو البدر ذلك المعلم المهم في البصرة وكازينو 14 تموز وفندق جبهة النصر والى ان تصل الى مكان الطبكة هذه, وجامعة البصرة لها ذكريات جميلة في نفسي ولي مع زملائي واساتذتي ذكريات جميلة لن تمر من الذاكرة . وجامعة البصرة ومنذ تأسيسها في عام 1964 وحتى منتصف الثمانينيات, كانت بناياتها في منطقة التنومة بقضاء شط العرب , وكان طلبتها واساتذتها وملاكها الوظيفي يذهبون الى الجامعة بواسطة (الطبكة) , اذا يعبرون من العشار الى التنومة وهم يستقبلون بفرح وحب يوم جديد , حيث ان عقد السبعينيات كان من اجمل العقود في تاريخ البصرة لان البصرة كانت تعيش بسلام . كانت الطبكة هي الوسيلة الوحيدة لعبور شط العرب بالمجان مع بعض الزوارق التي تنقل الناس والطلاب باجور زهيدة جدا, والطبكة بالمفهوم العام تسمى العبارة, وكانت هناك عبارتان فقط في البصرة, الاولى تسمى (ابن فضل) والثانية تسمى (ابن ماجد) تيمنا بالعالميين العربيين وجهودهما في الرحلات البحرية, وكانت العبارتان ايضا تستخدمان لعبور السيارات الخشبية لنقل الطلبة من والى الجامعة والتي كانت تبعد خمسة كيلومترات عن النقطة التي تقف عندها العبارة, وفي الطبكة تدور الكثير من المفارقات الجميلة والحوارات والمناقشات الطويلة لان وقوفها يطول وقد يستغرق نصف ساعة او ساعة في بعض الاحيان ريثما تكتظ بالناس والطلبة وبالمعنى العام (تقبط), وهناك احاديث خاصة بين الطلبة تتحرك في وجدانهم وحواسهم نشوة الشباب والفتوة لتكون الاحاديث اكثر دفئا وربما تتحول هذه العلاقات الى علاقات عاطفية وقد تنتهي بالزواج او الفراق, كما ان جامعة البصرة عاشت ايام الفيضان والذي حدث عام 1968 وقد احدث فيضانا مدمرا اغرق الجامعة , وقد هب اهالي البصرة ومنتسبو الجامعة بالرغم من قلة عددهم وضعف الامكانيات المتاحة في ذلك الوقت على عمل سدود ترابية لإنقاذ ما يمكن انقاذه ,ورغم هذه الظروف فان الدراسة لم تتوقف في الجامعة واصبحت الدراسة فيها حالة ممتعة في مثل هذه الظروف. هكذا كانت الحياة في البصرة في ذلك الزمن وعندما تصل الطبكة الى العشار قادمة من التنومة وعندما تنزل الى العشار باتجاه مركز العشار تشاهد فلكة اسد بابل والتي كانت تتميز بالجمال والروعة وهي في بداية مدخل شارع الوطن, وعلى الجانب الاخر منها, عبر الشط تشاهد مقر الجنسية والجوازات القديم ومقابله يقع جامع مقام علي والذي بقى حتى الان شاهدا على جمال البصرة.

المشاهدات 4043
تاريخ الإضافة 2020/12/20 - 8:00 PM
آخر تحديث 2024/03/29 - 1:20 AM

طباعة
www.AlzawraaPaper.com