رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
ما هي تفاصيل الاتفاق الروسي الأميركي لجنوب سوريا؟


المشاهدات 1002
تاريخ الإضافة 2018/07/04 - 5:44 PM
آخر تحديث 2024/07/25 - 5:27 PM

  [caption id="attachment_170417" align="aligncenter" width="300"]د. شهاب المكاحله د. شهاب المكاحله[/caption] بعد تمهيد اعلامي كبير للحملة العسكرية للجيش السوري ضد المعارضة المسلحة في جنوب سوريا المتاخم للحدود الاردنية والاسرائيلية، قام الطيران السوري والروسي بالاغارة على تلك المناطق بعد أن تم التوصل الى جملة تفاهمات بين روسيا والولايات المتحدة من خلال زيارات قام بها مسؤولون أمنيون وعسكريون اسرائيليون لموسكو وواشنطن. فأهمها تلك التي قام بها وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان إلى موسكو يوم 30 من أيار الماضي والتي اعطى فيها موافقة بلاده على عمليات الجيش السوري قرب الحدود الاسرائيلية شريطة عدم مشاركة التشكيلات الشيعية بما في ذلك حزب الله في الهجوم على مناطق في هضبة الجولان. على إثر ذلك اتخذت موسكو القرار وابلغت به القيادة السورية بأن على القوات الايرانية والموالية لها الانسحاب بمسافة 65 كلم من الحدود مع اسرائيل وبمسافة 25 كلم مع الاردن. بالطبع هذا الاتفاق بين روسيا والولايات المتحدة أطلق اليد للجيش السوري في الجنوب وبكل حرية عبر عمليات وساطة بين الروس والجماعات المسلحة هناك من حيث المبدأ بتسليم السلاح والعودة الى حضن الوطن أو الموت على يد الجيش السوري. ولكن ماذا جرى في الاسبوع الاخير من يونيو وحتى ساعات كتابة هذا التقرير بين موسكو وواشنطن؟ أولا: ثمة قطبة اسرائيلية مخفية في الصراع السوري وهي التي ساندت المسلحين طوال 8 سنوات وامدتهم بالسلاح والمال والطعام ووفرت لهم العلاج. ولكن ذلك لم يكن علنا في كثير من الاحيان. واليوم وبعد أن اصرت موسكو على أن يتم تطهير كامل الجنوب السوري وأن لا عودة للمسلحين الى تلك المناطق بل أن السيطرة ستكون للجيش السوري، أرادت اسرائيل أن تفرض نفسها على دول المنطقة كلاعب اقليمي للتحكم عن بعد بالصراع السوري سواء أدى ذلك الى تقسيم سوريا الى دويلات أم ابقاء سوريا موحدة كما كانت قبل عام 2011. فكان الرد الروسي والسوري الرسمي أنه على جميع القوات والفصائل المعارضة في الجنوب الاستسلام وتسليم السلاح. فكان أن أعلنت واشنطن وقف دعم وتمويل تلك الفصائل بالسلاح مع اعلان موسكو سحب عدد من قواتها الجوية لأن العدد الموجود فعليا اكبر من الحاجة الفعلية له بعد ان حقق الجيش الروسي ما أراد: القضاء على الارهاب ووقف انتشاره. تطورات الميدان السوري كشفت الكثير من تواطؤ اقليمي ودولي مع المعارضة المسلحة. كانت اسرائيل وعدد من الدول الاقليمية تعمل من وراء الستار وبشكل غير مباشر من حيث تشجيع المسلحين لاطالة أمد الصراع السوري إلى أقصى مدى ممكن للوصول الى مرحلة لا غالب ولا مغلوب للتوصل الى صيغة الحل السياسي. فكلما طال امد الصراع تحققت الغاية المطلوبة لأن في ذلك استنزاف للجيش السوري ولحلفائه. ثانيا: رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتن أية اتصالات مع واشنطن طالما هناك اتهام مسبق للقوات السورية باستخدام اسلحة كيماوية بالتزامن مع تحذير روسي من ان هناك شبهات تحوم حول سيناريو كان يعد لضربات كيماوية تنفذها المعارضة المسلحة في الجنوب. بعد لقاء مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي جون بولتون قبل أيام مع القيادة الروسية، اتصل بالادارة الاميركية التي أبلغته بأن يطلب من المسؤولين الروس شخصيا امكانية عقد قمة بين الرئيسين الاميركي والروسي لمناقشة القضايا العالمية ومنها العلاقات الثنائية والازمة السورية والترسانة النووية لدى كل منهما. ثالثا: أبلغت القيادة الروسية القيادة العسكرية الاسرائيلية بأن لدى الجيش السوري صواريخ متطورة لا يمكن للمنظومة الدفاعية لاي دولة في الشرق الاوسط من اعتراضها او حتى رصدها وأن الجيش السوري لم يستخدمها حتى الان. رابعا: وصلت رسالة الى القيادة الاسرائيلية عبر المسؤولين الاميركيين أن المعركة القادمة في حال لم توافق اسرائيل على وقف دعمها المسلحين في القنيطرة والسويداء ودرعا ستكون في العمق الاسرائيلي. على ضوء تلك الرسالة، سارعت تل ابيب بالطلب من وزارة الخارجية الاميركية ومستشاري الامن القومي الاميركي باتخاذ اللازم للحيلولة دون وقوع المحظور وكشف المستور. لا يهم أن يزور وزير عربي موسكو او واشطن لأن المعركة لا تهم العرب بل تهم اسرائيل. اليوم، نحن امام توافقات أميركية روسية إسرائيلية. وما تصريحات بولتون حول الرئيس السوري بشار الاسد في مقابلة صحفية مع شبكة (CBS): “أن الرئيس السوري بشار الأسد لا يمثل مشكلة اسراتيجية لنا”، الا تأكيدا على تلك التنازلات الاميركية للجانب الروسي والتي تفيد بتمكين الجيش السوري من منطقة الجنوب، واستبعاد نفوذ إيران من تلك المنطقة، مقابل إنهاء الفصائل العسكرية المعارضة. ولكن المشكلة التي لا تزال قائمة الى الان ولم تجد حلا هي القنيطرة الواقعة في هضبة الجولان الحدودي والتي قد تزيد من حدة التوتر بين سوريا واسرائيل في القادم من الايام، وهذا هو ما دعا أيضا واشنطن للطلب من موسكو التنسيق للقاء بين الرئيس فلاديمير بوتن والاميركي دونالد ترامب في فنلندا في 16 يوليو، ما يؤكد أن كل شيء بات تحت سيطرة روسيا بالمقام الاول وتفاهم اميركي ليس على معركة الجنوب السوري فقط بل وعلى مستقبل سوريا ككل. مؤخرا، تحدث خبراء عسكريون اسرائيليون من أن الجيش السوري لا يسيطر حاليا إلا على جزء صغير من منطقة الحدود في الجولان، من بلدة القنيطرة الجديدة إلى الشمال، باتجاه قرية حضر السورية وجبل الشيخ السوري. أما الى الشمال من تلك المنطقة، فالجيش السوري يتمتع بسيطرة شبه كاملة على محيط الطريق التي تربط القنيطرة الجديدة بدمشق. اما المعارضة المسلحة فتسيطر على مساحات كبيرة من القنيطرة على الحدود مع اسرائيل التي تقدم لها الدعم المالي والتسليحي. لذلك فإن هذا البند مهم جدا بالنسبة لتل ابيب التي تسعى للحفاظ على هذه الفصائل كدرع حام لحدودها في الجولان المحتل بدل قوات حفظ السلام الأممية. وهذا الامر قد يرفع من احتمالية اشتعال توتر بين الجيشين الاسرائيلي والسوري في حالة قيام الاخير بعملية عسكرية لطرد هذه الفصائل. وهذا ما استلزم لقاء بوتن وترامب العاجل لأن عملية تحرير درعا ستأخذ قرابة اسبوعين للوصول الى كافة المعابر الحدودية تمهيدا لفتحها واخراج كافة القوات الموجودة على الساحة السورية. وفق مخططات الجيش الاسرائيلي فإن خرائطه العسكرية تشير الى شريط ضيق، يمثل القوات السورية، في شمال الجولان، وهناك منطقة كثيفة تمتد من القنيطرة القديمة إلى الجنوب تسيطر عليها منظمات وفصائل معارضة مسلحة مختلفة على علاقة طيبة مع إسرائيل. اما الباقي فهو مثلث الحدود مع الأردن التي يسيطر عليها تنظيم تابع لداعش. التخوف الإسرائيلي دفع ببولتون لزيارة موسكو ودفع بوفد كبير من الكونجرس الأميركي للترتيب لزيارة موسكو هذا الأسبوع قبيل القمة بين ترامب وبوتن ومن المقرر أن يلتقي الوفد مع نظرائه الروس كما من المتوقع أن يتحدث الوفد مع بوتين حول عدد من القضايا المهمة. ويزور موسكو ايضا عدد من المسؤولين الاميركيين رفيعي المستوى من عدة دوائر حكومية منها أمنية في القادم من الايام للتباحث في امور لوجستية تهم سوريا وعددا من الدول في الشرق الاوسط. في يونيو 2017، عندما تم التوقيع على اتفاقية خفض التصعيد في جنوب سوريا بين واشنطن وموسكو بالتعاون مع عمَان، لم يوافق الروس والأميركيون على المطلب الإسرائيلي بإبعاد الإيرانيين بشكل كامل عن الحدود مع الجولان. وهنا المخاوف تزداد على الجانب الاسرائيلي لأن المعركة الأكثر سخونة ستكون في محافظة القنيطرة إن لم تقبل بالتسويات والتسليم للجيش السوري. فوفق مصادر اسرائيلية، فإن مجموعات درزية تدعمها إسرائيل، قد تقوم بعمليات عسكرية، خصوصا في الجزء الشرقي (السوري) من مرتفعات الجولان، على خط الحدود. واذا ما كان الرد سوريا، فإنه من الممكن إطلاق النار من هذه المرتفعات على كامل إسرائيل لتغطي الكرمل والناصرة والعفولة. وإذا ما استخدم الجيش السوري الصواريخ التكتيكية فسيصل مداها الى ساحل البحر الأبيض المتوسط غربا والى حدود القدس- تل ابيب جنوبا. ومع ذلك، فإن لقاء ترامب وبوتن القادم لا يعني أن تقدم واشنطن مناطق شرق الفرات الغنية بالثروة النفطية لموسكو ودمشق دون مقابل ولكن بمجرد الانتهاء من ملف الجنوب السوري ستستدير القوات السورية وحلفاؤها متجهة الى شرق الفرات الذي لن يطول تحريره واعادته الى سوريا الام لأن تلك المنطقة تحديدا اساس الصراع في سوريا.

تابعنا على
تصميم وتطوير