رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
إسرائيل والموقف الحقيقي من مشروع ترامب


المشاهدات 1138
تاريخ الإضافة 2018/06/25 - 5:21 PM
آخر تحديث 2025/11/30 - 4:37 PM

[caption id="attachment_157945" align="aligncenter" width="300"]سفيان ابو زايدة سفيان ابو زايدة[/caption] الاخبار التي تتوارد حول ما سمعه مبوعثو الرئيس الاميركي خلال جولتهم في المنطقة في كل من مصر و السعودية و الاردن و الامارات، هي اخبار اذا ما كانت صحيحة مطمئنة جدا، حيث استمع الاميركان الى وجهة نظر عربية تؤكد على الثوابت الفلسطينية المعروفة في اي حل مستقبلي للقضية الفلسطينية خاصة فيما يتعلق بقضايا الحل النهائي من قدس و لاجئين و دولة على حدود العام ١٩٦٧. هذا الموقف العربي ينسجم مع الموقف الفلسطيني الرسمي و الشعبي و الفصائلي من هذا المشروع الذي يحمل في داخله بذور فشله حيث تم تصميمه بما يخدم ليس فقط مصالح اسرائيل بل مصالح اليمين الاسرائيلي. مع ذلك ، و رغم كل ما سيحمله المشروع من تجاهل للحقوق الفلسطينية ، وعلى الرغم من اقترابه كثيرا او ربما تطابقه مع ما تريده اسرائيل، الا ان نتياهو و حزبه و حكومته اليمينية لو تعلق الامر بهم حتى هذا المشروع لا يريدون ان يُطرح، وذلك لانهم ليسوا بحاجة ولا يشعرون انهم مضطرون او ملزمون بتقديم اي تنازل مهما كان بسيطا للفلسطينيين. الاسرائيليون يتصرفون من منطلق ان الزمن يعمل لصالحهم، وانهم ينفذون مشروعهم من خلال خطوات عملية على الارض دون الحاجة لصفقة او مشروع، وقبولهم بهذه الخطة التي ساهموا هم انفسهم في اعدادها فقط من اجل ارضاء ترامب و ادارته. اسرائيل تعمل في القدس كل ما تشاء ومؤخرا حصلت على اعتراف اميركي تبعه نقل للسفارة. منذ احتلالها للجزء الشرقي من المدينة وعملية التهويد مستمرة بوتيرة سريعة. خلق الوقائع على الارض مستمر. يتغلغلون في وسط الاحياء العربية مثل سلوان ووادي الجوز و ضاحية البريد و العيسوية كما يتغلغلون في الحي الاسلامي والمسيحي والارمني في البلدة القديمة، وبدون صفقة ترامب هم يفكرون بالتخلي عن شعفاط وابو ديس و العيزرية و الرام وسميرة ميس وكفر عقب، اي كل الاحياء خارج الجدار هي عبء عليهم و سيأتي الوقت لفصلها نهائيا عن القدس واعتبار ذلك تنازلا للفلسطينيين. مشروع ترامب يتحدث وفقا للتسريبات عن ابقاء الاغوار تحت السيادة الاسرائيلية. بغض النظر عن الصيغة الالتفافية التي سيتم طرحها من تنازل الفلسطينيين او تأجيره لمدة تسعه و تسعين عاما ، المهم ان الاغوار الذي تشكل مساحته ما يقارب ٢٠٪ من مساحة الضفة الغربية يبقى تحت السيادة الاسرائيلية. اسرائيل اليوم تتصرف على انه كذلك ولا تفكر مطلقا بالتنازل عنه وهي ليست بحاجة الى مشروع ترامب لكي يسهل عليها هذه المهمة. مشروع ترامب من الناحية العملية يبقي المستوطنات سواء كانت الكتل الاستيطانية او المستوطنات المتفرقة تحت السيادة الاسرائيلية، هذا يعني ان تتحول الضفة الغربية الى جزر متفرقة و مدن معزولة محاطة ببوابات، تماما كما هو حادث اليوم. اسرائيل من الناحية العملية تنفذ هذا البند منذ سنوات و ليست بحاجة الى مشروع ترامب. عمليا هي تفعل كل ما تريد في الضفة الغربية من تعزيز للاستيطان و محاصرة الوجود الفلسطيني هناك من خلال جزر و كانتونات مسيطر عليها. قضية اللاجئين الفلسطينيين التي تعتبر جوهر القضية الفلسطينية، الادارة الاميركية و بالتنسيق الكامل مع اسرائيل تعمل على القضاء التدريجي على هذا الحق بغض النظر اذا ما تم طرح مشروع ترامب او لم يتم، وبغض النظر اذا ما وافقت عليه القيادة الفلسطينية او رفضته. الخطوة الاولى لذلك هي من خلال تصفية وكالة غوث و تشغيل اللاجئين التي بدأت بتقليص الدعم لها و تجفيف عروقها، وتحويل هذه المساعدات الى الحكومات و المؤسسات الدولية الاخرى لتجريد قضية اللاجئين من بُعدها السياسي و اقتصارها على البُعد الانساني فقط. واخيرا ، مشروع ترامب من الناحية العملية يحرم الفلسطينيين من اقامة دولة متواصلة جغرافيا بين غزة و الضفة و تؤكد على الفصل بينهم. ايضا اسرائيل ليست بحاجة لمشروع ترامب، حيث هناك فصل حقيقي بين غزة والضفة وهناك حصار مفروض على غزة، ولكن وبكل ألم، الفصل يحدث بمساعدة فلسطينية سخية بعلم او بدون علم، بشكل مقصود او غير مقصود، عن جهل او عن خبث، كل ذلك لا يغير من حقيقة الامر بشيء وهو ان غزة مفصولة ليس فقط بفضل السياسة و الاجراءات الاسرائيلية بل ايضا بفضل فشل النظام السياسي الفلسطيني وفشل التنظيمات الفلسطينية، خاصة فتح و حماس، وفشل القيادة الفلسطينية و على رأسها الرئيس عباس في افشال المخطط الاسرائيلي. خلاصة القول ومع كل الاحترام و التقدير للموقف العربي المساند، و مع كل الاحترام لموقف القيادة الفلسطينية الرافض لتمرير المشروع الاميركي الذي لا يلبي الحقوق الفلسطينية. مع ذلك يجب ان لا نتغنى كثيرا في بطولاتنا وانجازاتنا وصمودنا حيث ما يجري على الارض هو تطبيق عملي لمشروع ترامب، وهم ليسوا بحاجة الى موافقتنا، بل هم بحاجة الى استمرارنا في التنكيل بانفسنا. بحاجة الى ان نبقي على انقسامنا و مناكفتنا لبعضنا البعض، ولن ينزعجوا كثيرا عندما نواصل الاحتفال في بطولاتنا الوهمية.

تابعنا على
تصميم وتطوير