رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
دبلوماسية التوتير ومآسي التقتيل


المشاهدات 1033
تاريخ الإضافة 2018/04/18 - 5:19 PM
آخر تحديث 2024/08/23 - 4:19 AM

  ماجد الشيخ كان الأجدى بمؤيدي نظام الأسد من القومويين و «العسراويين» الذين يقتلهم الحنين إلى «الأمجاد القومية» والمجد الغابر للاتحاد السوفياتي، أن يدركوا أن مثل هذا الحنين، ليس أكثر من دعوة إلى تلميع الاستبداد، والانسياق خلف مستبدين جدد أكثر «ألمعية» في تبرير جرائم ضد الإنسانية من العيار الثقيل، وأثقل مما ارتكبه النظام الستاليني في الاتحاد السوفيتي ونظام «بول بوت» في كمبوديا، بتبريرات تقول ببناء الشيوعية بمن يتبقى من البشر الأحياء، أما الذين تمت إبادتهم فهم مداميك البناء ومستلزماته. ولم يختلف الأمر مع صعود النازية وارتكاباتها، كما لم يختلف الأمر مع وعد إقامة وطن قومي ليهود الكرة الأرضية على أنقاض وطن الفلسطينيين التاريخي. وما يجري اليوم في سورية من استباحة لوطن الشعب السوري، على يد نظامه «الأبدي» وتشريد بعضه وفرض هجرات قسرية على بعض آخر، وإجراء مناقلات ديموغرافية، كرما لعيون معينيه وحماته وداعميه الطائفيين للبقاء في السلطة، وللاحتفاظ بسورية النظام ولو من دون شعبها، رصيداً توظيفياً للاستثمار به في المشروع الطائفي للنظام الإيراني، ولاستثماره كذلك في استعادة النفوذ الروسي في منطقة فقد النظام السوفيتي ووريثه الروسي أي مرتكزات من أنظمة تابعة، إلى أن كانت الحرب السورية مناسبة لمحاولة إعادة النفوذ الروسي إلى المنطقة، ولو عبر خطط ومشاريع تنافسية ذات طابع تصادمي مع الولايات المتحدة على الأرض السورية. في مجرى هذه العملية لاستباحة وطن السوريين من أشرار وشقاة، لا تعود الحرب في سورية منذ السنوات الماضية وحتى اليوم سوى «الترياق الشافي» لأطماع استعادة النفوذ الروسي إلى المنطقة، ولتركيا أطماعها كذلك، انطلاقاً من حدودها مع سورية ووجود مواطنين أكراد قرب هذه الحدود، تسعى أنقرة إلى فض التشابك معهم في اتجاه إجراء تغييرات كبرى من قبيل ما يمكن تسميته «ترانسفير ديموغرافي»، بهدف إبعادهم من حدودها بما يضمن عدم التواصل بين أكراد البلدين، وذلك في محاولة لإجهاض أي مشروع كردي للاستقلال وبناء دولة خاصة بهم، لا سيما في تركيا أو في سورية. كذلك أوجدت الأطماع الأميركية والغربية عموماً في سورية، ساحة للصراع التنافسي مع روسيا ومع إيران ومع تركيا كذلك، طالما أن الأميركيين يوظفون قوى كردية في مواجهة «داعش» كما في مواجهة النظام. وبغض النظر عن موضوع الكيماوي والضربات الجوية الغربية الأخيرة، فإن ما استخدمه النظام وداعموه من أسلحة محرمة لا تقل قتلاً وفتكاً بحق المواطن السوري، واستباحة لوطن أراده النظام ساحة لسلطة بوليسية أتاحت لآخرين احتلاله وانتهاك سيادته بالرضا والعرفان، فيما هي تتحفنا ليل نهار بتلك النغمة المشروخة عن السيادة والاستقلال والكلام المنمق عن قومية مزعومة ومدعاة، سقطت عند أول امتحان يخوضه الشعب السوري في مقابل نظامه السلطوي على امتداد سنوات الجمر والغضب. كل هذا لا يعفينا من سؤال مصيري، لا يبدو أن التطورات يمكن أن تجيب عنه في وقت قريب: هل يستحق «النظام الأبدي» كل هذا الدفاع المستميت عنه وعن سلطته، على رغم كل ما جره على شعبه من ويلات وكوارث، فيما المجتمع الدولي يتلهى.

تابعنا على
تصميم وتطوير