[caption id="attachment_155520" align="alignnone" width="209"]

خاطرة تعجب[/caption]
الزوراء / خاص /زينب ساطع
مذ حقبة صحيفة بشر بن المعتمر والى حد الان نقرأ ان الكتابة لا تأتي بكل وقت فهي ليست مطواعة ، وان هناك ساعة او أقل ينثال فيها العقل بفكرة او افكار تُنسج ضمن خطوط مشوشة ولكن يمكن تلمس رؤيا لمضمونها بوضوح من قبل الكاتب ، ومن ثم ضرورة تقييد تلك الافكار بالكتابة والا اندثرت وفلتت فلت الماء من قبضة اليد ، والكاتب ، أي كاتب ، واثناء جريان كواليس العملية الكتابية يفترش عدته الابداعية و يعتصر ذهنه وما يرافقه من عصابية أحيانا وتوتر يقاسم انفاسه دقائق وساعات التأليف ، و يحفر بازميله طَودي المعنى واللفظ ليسكب لنا شيئا جديدا مؤثرا وجميلا فانه قد يتعرض لساعة جمود او تصلد وقد يبذل جهدا جهيدا لتذويب هذا التحجر فيزيد التحجر صلابة، وهنا يرتكب المؤلف خطيئته فيقوم بحرق نصه او تمزيقه او ضغط زر (Delete) لشامل النص ظنا منه انه لم يكتب سوى ترهات وهذر بينما المكتوب كان حصيلة رؤيا ومزيج حكايات ومتوالية افكار !!!!
ورغم اني اؤمن بقضية الأطراس (وهي إنشاء نص جديد بعد مسحه اول مرة )الا انه يمكن اعتماد طريقة التبديل وتغيير الواجهة التي توقف عندها قلم الكاتب ، ذلك لان التبديل في صفته يمنحك فراغا ينتظر ملؤه لاحقا ويسمح لك بالاستعانة به لتذكر خطوط النص الأول، ذلك لأن كل فكرة ممكن أن تُعدل وكل ثلمٍ ممكن ان يُرمم ، والالفاظ يمكن ان تحل مكانها مرادفاتها فيستقيم المعنى بشكل اقوى، و الاعراب سيجد طريقه الى الضبط عند ترتيب الكلمات والضمائر ونحوه، والمعنى مؤكد سيتسق بعد سلسلة اخفاقات، وسلسلة الاخفاقات التي تحدث للنص ولايزال حيا مقاوما ببال مؤلفه هي من ستهب النص وسام القبول ونوط الاعتراف لاحقا .
أما المسح للأسف الشديد فهو اجهاض لأجنة لم تكتمل دورتها ، محقُ الاشياء قبل ان تكتمل مدتها وتخرج بنجاح من شرانقها، وبالتالي فهو اعدام كلي للنص فيموت قبل ولادته وهو خسارة لساحة الأدب قبل ان تكون خسارة للمبدع نفسه ، ولن أطيل اكثر فان بساط الحديث يحمل مطارحا للنقاش و يضم روافدَ لسيل التأويل ووجهات النظر، لكن تبقى مسألة الاحتفاظ بالمسودات مسألة ضرورية ولاسيما اذا تذكرنا ان غالبية النصوص التي تغفو الآن على تخوم المجد والنجاح لم تكن سوى مُسَودات ومجموعة هوامش وقافلة خط مرتجف.