رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
صحوة متأخرة للضمير العالمي


المشاهدات 1349
تاريخ الإضافة 2024/05/12 - 8:37 PM
آخر تحديث 2024/06/01 - 6:27 AM

تتويجاً للتظاهرات التي عمت مختلف الجامعات الأميركية المناصرة للقضية الفلسطينية، والمستنكرة لجرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبتها اسرائيل ضد غزة وشعبها الصابر منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وما زالت ترتكبها بإصرار إلى يومنا هذا، جاء القرار الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة بدعم طلب فلسطين للحصول على عضوية كاملة بالأمم المتحدة، ليتوج صحوة الضمير العالمي تجاه معاناة الشعب الفلسطيني الذي غاب عنه هذا الضمير منذ أكثر من 76 عاماً، وتعرض ما تعرض له من جرائم وحشية منذ اغتصاب أرضه ووطنه في العام 1948 على أيدي العصابات والمنظمات الصهيونية الارهابية، وبدعم عسكري وسياسي واقتصادي واعلامي لا محدود من قبل الحكومات الأميركية والأوروبية المتعاقبة التي لم تكن تصغي لصوتٍ غير صوت الكيان الصهيوني، وتغض النظر عن جرائمه، يوم كانت تلك الجرائم لاتصل إلى العالم، إلا بشكل محدود ومسيطر عليه من قبل ماكنات الاعلام العالمية التي يهيمن عليها الصهاينة، ويوجهون من خلالها الرأي العام العالمي، بحجب الحقائق على الأرض، واخفاء جرائم الإبادة ضد القرى والمدن الفلسطينية ، ومن بعدها الأراضي العربية التي اغتصبها الإسرائيليون من مصر والأردن وسوريا ولبنان بعد عدوانها الواسع في الخامس من حزيران 1967 .
عالمنا اليوم مختلف تماماً عما كان عليه قبل عقود مضت، فثورة الاتصالات والتكنولوجيا الرقمية، وتطور وسائل الإعلام، وتعدد الفضائيات، ووكالات الأنباء والمواقع الخبرية، ووسائط السوشيال ميديا التي أتاحت لكل مواطن أن يكون صحفياً، ومنشئاً للمحتوى، ومؤثراً لدى ملايين المتابعين حول العالم، كل ذلك خلق واقعاً جديداً لا يمكن فيه إخفاء جرائم الحروب، والاستخدام المفرط للقوة، لاسيما تجاه المدنيين في أماكن النزاع، واذا كان الكيان الصهيوني تمكن خلال العقود السبعة الماضية من تضليل الرأي العام العالمي، وبالأخص الأميركي والأوروبي، بل وتمكن من خداع المنظمات الدولية ومنها الأمم المتحدة في التغطية على الجرائم البشعة التي كان يرتكبها ضد الفلسطينيين العزل تحت ذرائع مختلفة، فأنه اليوم قد اصبح مكشوفاً أمام الرأي العام العالمي الذي رأى بأم عينيه، وعلى الهواء مباشرة، ما قام من جرائم إبادة في غزة ذهب ضحيتها ما يقرب من أربعين ألف شهيد غالبيتهم من النساء والمسنين والأطفال، وأكثر من مائة ألف جريح، فضلاً عن ملايين المشردين الذين دُمرت احيائهم السكنية تدميراً شاملاً، ومُنع عنهم الغذاء والدواء، وكل أنواع المساعدات الإنسانية بعد اغلاق معبر رفح المنفذ البري الوحيد لغزة مع مصر، ناهيك عن المنفذ البحري الذي يصل غزة بالعالم الخارجي .
وسواء تم تبني هذا القرار عند عرضه على مجلس الأمن الدولي، أو تم تعطيله كما هو متوقع باستخدام واشنطن حق النقض “ الفيتو “ مثلما استخدمته ضد كل القرارات المنصفة للعرب وفلسطين منذ تأسيس الأمم المتحدة ولحد الآن، فإن ما حدث يُعد انعطافة تاريخية كبرى في تاريخ الصراع العربي الصهيوني، بعد أن صوتت 143 دولة لدعم الطلب الفلسطيني، منها دول أوروبية لم تكن تتفهم سابقاً معاناة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وذلك ما يؤكد أن حجم جريمة القرن الكبرى التي ارتكبتها إسرائيل في غزة، قد طرحت بصورة حاسمة هذه المرة أهمية وضع حد لمأساة هذا الشعب الذي كان قدره التهجير واللجوء والتجويع والتشريد والقتل الجماعي جيلاً من بعد جيل، منذ أن تخلى العالم عن ارادته الحرة، وعن ضميره الإنساني تحت سطوة النفوذ الصهيوني المتغلغل في كيانات الدول الكبرى، وفي المنظمات الدولية بمختلف مسمياتها واختلاف مهامها . إنها صحوة الضمير العالمي لإنصاف الفلسطينيين وإعادة بعض ثقتهم وأملهم في شعوب العالم الحرة التي هبت لنصرتهم ورفع الظلم عنهم، وأن تأخرت هذه الصحوة عن نجدتهم ثلاثة أرباع قرن فقط ! .
 


تابعنا على
تصميم وتطوير